للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

التطور المزدوج لن يكون عينة من عينات التنوع الإنساني، بل عينه للنوع: وهو الإنسان في أبسط صوره.

ويبدو أن هذا هو الحدث الرئيسي المتوقع من المرحلة التاريخية الراهنة، إذ- كما عبر أحد الاجتماعيين- أن الحياة تحتوي منذ زمن طويل على قبائل وأجناس وأمم، ولكن الإنسان لم يولد بعد ...

وأياً ما كان الأمر فإن التقارب ينمو على طرفي محور واشنطن - موسكو يوميا، ولا إرادياً في صورة قيمتين متزاوجتين، فإذا لاحظنا أن الطرف الغربي يعترف أن الشرق محق في ميدان معين، فسنرى الطرف الآخر يعترف أن الغرب في صميم الحق، في ميدان ثانٍ .. وعندما يتساءل مفكر ذو صبغة رأسمالية عما إذا كان (١) يمكن لنظام غير عقلي لاقتصاد قائم على عرق المجموع، من أجل سعادة بعض الأفراد أن يستمر بأي ثمن؟ فإننا نجد الناقد الماركسي- في الوقت نفسه- وقد تخلص من الأوضاع التقليدية للمدرسة الاقتصادية السوفييتية- خاصة من نظريات معهد الدراسات الاقتصادية بموسكو- نجده يلوم هذا المعهد على ((إنكاره لمظاهر التقدم التي حققها الرأسماليون في تطور الإنتاج والعلوم (٢))).

فهذه الخطوة المتزاوجة تدل- بصورة ما- على نسق التطور على محور واشنطن - موسكو، بتأثير عوامل مختلفة روحية، أو عقلية، أو سياسية، فها هما؛ التقاليد البورجوازية الثابتة والصرامة المذهبية يخليان الجو للمناقشة النزيهة، وحب الاستطلاع العلمي، بل حتى لمشاعر الإعجاب التي تمهد سبيل الود


(١) سؤال وجهه سيمون في مقالة نشرت بجريدة لوموند الباريسية في عددها الصادر في ٣٠/ ٦/ ١٩٥٥م.
(٢) هذه المناقشة كانت صدى لنقد المزارعين الأمريكيين الذين زاروا روسيا، حيث انتقدوا بعض طرق الاستغلال الزراعي؛ وامتدت بعد ذلك إلى ميادين أخرى؛ خاصة الميدان الاقتصادي حيث عارضت أكاديمية العلوم ((التي نلخص هنا وجهة نظرها)) الآراء الرسمية لمعهد الدراسات الاقتصادية خاصة رأي الاقتصادي أ. كاتز A. Kats عن تحلل الاقتصاد الرأسمالي.

<<  <   >  >>