ومع ذلك فيبدو أن هذه المشكلات قد بدأت تصبح موضوع دراسة في العالم الإسلامي، وعلى الأقل في الإطار القومي، فمصطفى كمال كان في هذا الإطار رائداً بلا نزاع، والحكومة المصرية بدورها- بإلهام قائد الجناح البغدادي فيما يبدو- تدرس إجراءات توحيد الزي. وإنه لحدث ذو أهمية نفسية رئيسية أن نرى فكرة الإيجابية وقد بدأت تلهم المحاولات الحكومية. ومع ذلك فربما كان من المهم ألا يقتصر حدث كهذا على النطاق القومي فحسب، بل أن يتسجل في تطور العالم الإسلامي. ولكم نتمنى دون شك أن يدرس مؤتمر إسلامي هذا المشكل دراسة مدققة، دون أن يرجع طبعاً إلى آراء المتخصصين في المديح، وإلا غرق في سيل من المديح أو في مماحكات الفكر الدرسي الملتوي.
وكي لا ينسينا الأمر أنّ هناك قدراً كبيراً من الوسائل المادية المهمة فادحة الثمن بالنسبة إلى شعب يفقد الحيلة والوسيلة، وهي تصاب دائماً بالعقم عندما تستخدم عملياً، لأنه لا يقدم المبدأ الأول في باب الإيجابية الاجتماعية، الذي يعبر عنه المثل الانجليزي المشهور ((الرجل اللائق في المكان اللائق)).
بينما تجد أن بعض الحالات في العالم الإسلامي تعكس القضية تماماً، مثلاً حين يوضع التعليم الحر كله لبلد ما بين يدي تاجر مخادع (١) فإن مثل هذه الحالات تذكرنا على الرغم منا بفكرة الكاتب الفرنسي اللاذع بومارشيه ( Beaumarchais) الذي كان يندد في سخرية ناهشة بسلبية عصره حين قال: ((لقد كانوا بحاجة إلى محاسب فإذا بهم قد اختاروا راقصاً)). فراقص هنا، وتاجر بلح هناك، وإنما المرض هو هو عندما يريد مجتمع أن يكون سلبياً عديم التأثير ...
سيكون إذن على مؤتمر إسلامي أن يشرع في تخطيط حق للمشكلة الإسلامية من أساسها. بحيث يكون همه أن يجتاز بخمس مئة مليون من البشر حالة (بادرة الحضارة، Pré-civilisation) ليصل بهم إلى حالة الحضارة. وبحيث
(١) يشير المؤلف بذلك إلى أن أحد مديري التعليم في بعض البلاد الإسلامية تاجر من تجار البلح فعلاً.