فإن قلنا: بأن الراجح هو الجواز وهو خلاف الأولى، فلا بد أن نجيب عن قول عائشة، فنقول: لو أن المرأة خرجت لتفتن بالرجل، أو يفتتن الرجل بها فيحرم عليها الخروج، فإن خرجت فلا بد أن تخرج ساترة بدنها، وإن مشت في الطرقات فلا تضرب في الأرض كما بين الله جل في علاه، فإن فعلت ذلك فلها أن تخرج، والأولى ألا تخرج لعلم أو لصلاة أو لغير ذلك.
أما العلم فعلى أبيها أو زوجها أو أخيها أن يعلموها، فإن كان أخوها أو زوجها لا يستطيعون تعليمها فيجوز لها أن تخرج بالآداب الشرعية.
ومن جملة هذه الآداب: أنها تخرج ليلاً لا نهاراً، وهذه عادة الصحابيات الفضليات، فكن يشهدن صلاة الفجر وهذا في الليل، وأيضاً في حديث صريح عن ابن عمر رضي الله عنه وأرضاه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا استأذنكم نساؤكم بالليل)، فقيد بالليل، وهذا المفهوم غير مراد، وهو يدل هنا على الأفضلية لا على أنه مكروه، قال:(إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد فأذنوا لهن).
وأيضاً: ورد بسند صحيح أن أم سلمة رضي الله عنها وأرضاها، كانت إذا أرادات الطواف طافت خلف الرجال ليلاً على بعير، وكذلك كانت تفعل عائشة رضي الله عنها وأرضاها، وفي هذا دلالة على أن الطواف يكون بالليل حتى لا تحتك المرأة بالرجل.