إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد: إخوتي الكرام! لقد انفردت المرأة عن الرجل بأحكام منها أحكام العدة، فهل للرجل عدة؟ الصحيح: أن نقول: إن العدة تختص بالنساء دون الرجال، والصحيح: أن العدة أيضاً للرجال ولها صورة واحدة، وهي: إذا تزوج الرجل أربعاً من النساء، ثم طلق امرأة منهن، وأراد أن يتزوج غيرها فهل يصح له أن يتزوج أم لا؟ ف
الجواب
في هذه الحالة تكون للرجل عدة، فينتظر حتى تنقضي عدة المرأة المطلقة، فإنها في زمن العدة لا تزال زوجته، قال تعالى:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ}[البقرة:٢٢٨].
وبالإجماع: أن من طلق امرأته فله أن يقول قبل أن تنقضي العدة: أرجعتك، فلو نكح امرأة أخرى في زمن عدة امرأته المطلقة، فتعتبر زوجة خامسة، والسنة: أن يكون عدد الزوجات أربعاً، خلافاً لمن قال: أن مثنى وثلاث ورباع تساوي تسعاً، وهذا قول ابن حزم، وهذا القول أوهى من بيت العنكبوت، والصحيح: أربع زوجات؛ لأن الرجل لما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكان عنده أكثر من امرأة قال له:(أبقِ عندك أربعاً من النسوة وطلق الباقي)، فلو تزوج الأخرى مع وجود زوجته وهي في العدة مع أن له أن يردها فقد تزوج الخامسة ووقع في المحظور، لكن هذا وطء شبهة، فيعذر فقط لجهله، لكن لا يقام عليه حد ولا يقال عنه زانٍ، لكن الصحيح: أن نقول: إن هذه هي الصورة الوحيدة التي يمكن أن نقول: إن للرجل فيها عدة، والحق: أن العدة هي عدة النساء، فمن الأحكام التي فرضت على النساء: العدة.