[الإعراب التقديري]
أما التقدير فيكون فيما آخره حروف لا تقبل التغيير؛ لأنها تشبه البناء ثابتة على أصلها لا يتغير بحال من الأحوال، فلا يظهر فيها أي تغيير.
وهذه الحروف ثلاثة: الألف والواو والياء، فهذه الحروف تكون الحركات عليها تقديراً لا لفظاً، وهذه الحروف تسمى حروف العلة.
مثال ذلك قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ} [المائدة:١١٦]، فعيسى منادى مبني على الضم المقدر منع من ظهوره التعذر.
ومثال ذلك أيضاً: أطعم موسى عيسى.
أطعم: فعل ماض.
موسى: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة منع من ظهورها التعذر.
عيسى: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر.
فحروف العلة هي: ألف وواو وياء، والألف أم الباب، وأقوى حروف العلة هو الألف؛ لأن الألف لا تظهر عليه فتحة ولا ضمة ولا كسرة، وكل هذه الحروف تكون الحركات مقدرة عليها غالباً، ويمنع من ظهورها على الألف التعذر، والتعذر يساوي الاستحالة، فيستحيل أن تقول: عيسىُ أو موسىُ، وليس في اللغة العربية ذلك، فلا تستطيع أن تظهر ضمة ولا فتحة ولا كسرة على الألف، ولذلك نقول: قول الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [المائدة:١١٦] فعيسى لم تظهر عليه الضمة للتعذر؛ لأنه انتهى بحرف علة وهو الألف.
والواو خفيف والياء أيضًا أخف، وهما من حروف العلة، والحركات لا تظهر عليهما، لكن الحركات إما رفع وإما نصب وإما خفض، والواو والياء يقبلان الفتحة ولا يقبلان الضمة ولا الكسرة.
تقول: رأيت القاضيَ، فالقاضي: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
وقولك: جاء القاضي، القاضي: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على آخره منع من ظهورها الثقل.
والفرق بين التعذر والثقل: أن التعذر استحالة والثقل أخف، فممكن أن تقول: جاء القاضيُ لكنها ثقيلة جداً، والعرب استثقلوها، فلذلك جعلوها مقدرة، وممكن أن تقول: جاء القاضيُ مررت بالقاضيِ، لكنها ثقيلة.
إذاً: عندنا الواو والياء تظهر عليها الفتحة، ولا تظهر عليها الضمة ولا الكسرة؛ للثقل، قال الله تعالى حاكياً عن أصحاب الكهف: (لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا} [الكهف:١٤].
ندعو: فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
وهنا ظهرت الفتحة لأنها يسيرة، أما الضمة والكسرة فلا تظهر.
إذاً: الإعراب هو: تغيير أواخر الكلم تقديراً ولفظاً لدخول العوامل عليه، أما تقديراً فلا تكون إلا في حروف العلة التي هي الألف والواو والياء، والألف لا تظهر عليها حركة من الحركات لا حركة الرفع ولا الخفض ولا النصب، وذلك للتعذر، ولم يرد في لغة العرب ذلك، والواو والياء تظهر عليها علامة النصب التي هي الفتحة، ولا تظهر علامة الرفع ولا الخفض، وقد ضربنا الأمثلة على ذلك.