أما الكتابان المتقدمان، فهما: معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار للإمام الذهبي، وغاية النهاية في طبقات القراء للإمام ابن الجزري، وفيما يلي إلقاء الضوء على هذين الكتابين لأهميتهما وتخصصهما، بذكر منهج كل إمام ثم ذكر ثلاثة نماذج لترجمة بعض القراء الوارد ترجمتهم فيهما، وذلك على النحو التالي:
أ- معرفة القراء الكبار: ألفه شيخ الإسلام الذهبي (ت ٧٤٨ هـ) وترجم فيه لمشاهير القراء من عصر الصحابة إلى عصره رحمه الله، ورتبه على الطبقات فجعله ثماني عشرة
طبقة واحدة، ومع أنه أراد أن يكون كتابه هذا خاصا بالقراء الكبار الذين لهم تراجم حافلة دون غيرهم ممن هم أقل شأنا، إلا أنه كثيرا ما خالف هذا المنهج فترجم لقراء مغمورين، ولقراء مجهولين أيضا.
وقد بلغ عدد الذين ترجم لهم سبعمائة وأربعة وثلاثين قارئا.
- نماذج لبعض الترجمات في المعرفة للذهبي:
١ - القاسم بن سلام (ت ٢٢٤ هـ):
قال عنه الذهبي: «أبو عبيد الأنصاري، مولاهم، البغدادي، الإمام أحد الأعلام، وذو التصانيف الكثيرة في القراءات، والفقه، واللغة، والشعر، قال أبو عمرو الداني:
أخذ القراءة عرضا وسماعا عن الكسائي، وشجاع بن أبي نصر، وإسماعيل بن جعفر، وعن حجاج بن محمد، وعن أبي مسهر، وهشام بن عمار.
قال الداني: إمام أهل دهره، في جميع العلوم، صاحب سنة، ثقة مأمون. وكان يجتهد ولا يقلد أحدا، ويذكر في طبقة الشافعي وأحمد وإسحاق، وكان هو أعلمهم بلغات العرب، ومن جلالته، قال أحمد بن سلمة: سمعت إسحاق بن راهويه يقول:
الحق يجب لله، أبو عبيد أفقه مني وأعلم، وقال الحسن بن سفيان، سمعت ابن راهويه يقول: نحن نحتاج إلى أبي عبيد، وأبو عبيد لا يحتاج إلينا.
وقال أبو قدامة: سمعت أحمد بن حنبل يقول: أبو عبيد أستاذ، وقال الدارقطني:
ثقة، إمام جبل، توفي أبو عبيد سنة أربع وعشرين ومائتين» (١).
(١) الذهبي، معرفة القراء (١: ١٧٠)، وما بعدها.