الفصل السادس شبهات حول القراءات القرآنية وردها حاول عدد من أعداء الإسلام قديما وحديثا إثارة الشبه والشكوك والمطاعن في القرآن الكريم، بغية صد الناس عنه وإبعادهم عن هدايته، وكان علماء المسلمين لهم بالمرصاد، فردّوا كيدهم في نحرهم، وبينوا بطلان هذه الشبه والافتراءات بالأدلة الدامغة، وانقلب أصحاب تلك الشبه خائبين.
وكانت الشبه المثارة على القرآن الكريم متنوعة في موضوعاتها وأساليبها ومصادرها، وسنقتصر في هذا الكتاب على عرض عدد من الشبه التي أثيرت حول القراءات القرآنية وردها بما يشفي الغليل ويداوي العليل.
[الشبهة الأولى: عدم تواتر القراءات:]
زعم عدد ممن لم يمهر في علم القراءات ولم يتمكن منه أن القراءات غير متواترة، لأنها منقولة بأسانيد آحاد، ولأنه لا يستطيع أحد أن يثبت تواترها، وقد ردّد هذه الشبهة عدد من العلماء (١).
ومنهم من اقتصر على نفي التواتر عن القراءات الثلاث بعد إثبات تواتر القراءات السبع، والزعم بأن القراءات الثلاث إنما هي مشتهرة مستفيضة فقط ولا تصل في ثبوتها إلى درجة التواتر.
[الرد على هذه الشبهة:]
التواتر: هو ما يرويه جماعة تحيل العادة وقوع الكذب منهم مصادفة واتفاقا، عن جماعة كذلك من أول السند إلى منتهاه فلا يتحقق التواتر إلا إذا وجد العدد الموصوف بما ذكر في الطبقات من بدء السند إلى نهايته.
(١) ينظر مثلا كلام الإمام الشوكاني في فتح القدير (١: ٤١٨): «ولا يخفى عليك أن دعوى التواتر باطلة، يعرف ذلك من يعرف الأسانيد التي رووها بها».