أولا: لم نجد من ألف بعد ابن الجزري في تراجم القراء مصنفا خاصا بالقراء الذين عاشوا بعده، إلا ما ألفه الدكتور محمد سالم محيسن وسيأتي الحديث عنه.
ثانيا: أن الكتب المشهورة ككتاب الذهبي وابن الجزري أغفلت كثيرا من القراء ولم تشر إليهم، فالحاجة إلى كتب التراجم متجددة ومستمرة.
ثالثا: أن كتابي الذهبي وابن الجزري- رحمهما الله تعالى- قد أعطيا صورة فيها بعض الغموض لدى الترجمة لبعض القراء، بمعنى: أن النصوص الواردة في ترجمة إمام من الأئمة لا تعطي تصورا شاملا عن الشخصية من جوانبها المختلفة، وفي بعض الترجمات لا يذكر فيها إلا سنة الولادة والوفاة ونزر يسير من الشيوخ والتلاميذ، دون التعرض لأي جانب من الجوانب المهمة في حياة الإمام.
رابعا: يلاحظ أن ما ذكره الإمامان في بعض التراجم ليس فيه شيء له صلة بحال الإمام في القراءة والإقراء.
خامسا: ليس في التراجم رسم منهجية متواضعة أو متقدمة متعلقة بالقراءة أو الإقراء، وقد خلت هذه التراجم من التعليق على النصوص، والتحليل للمصطلحات التي يذكرها المترجم، وكان المتوقع في مثل هذه الكتب أن تعنى بالجوانب المنهجية المتعلقة بسيرة الأئمة في القراءة والإقراء، وهذا يدعو الباحثين في زماننا إلى ضرورة إعادة النظر في ما كتبه علماؤنا الأجلاء في طبقات القراء، وصياغتها صياغة جديدة يراعى فيها ما يلي:
١ - لم يذكر الإمامان منهج النبي صلّى الله عليه وسلم في القراءة والإقراء في حين أن النبي صلّى الله عليه وسلم هو سيد القراء مطلقا، ولذلك فإن دراسة متأنية لتوجيه النبي صلّى الله عليه وسلم الصحابة كيف يتلقون القرآن، وكيف يؤدونه، يحتاجها المتخصصون، وطلاب الدراسات القرآنية والمتخصصون في الشريعة بشكل عام.
٢ - الشمول والإحاطة في السيرة الشخصية والعلمية والعملية للإمام.
٣ - العناية بالمصطلحات في علم القراءات والتي يمكن تقسيمها إلى أربعة أقسام:
القسم الأول: مصطلحات قديمة، وما زالت مستعملة إلى يومنا هذا بمعناها القديم، مثل مصطلح: الأحرف السبعة، والعرضة الأخيرة، والرواية، والتلقي،