للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هل نصّ النبيّ صلّى الله عليه وسلم على معنى الأحرف السبعة؟ وهل نصّ أحد من رواة الحديث على ذلك؟ وهل عرف الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وهم الصدر الأول معناها؟ أم أن معناها كان غير واضح لديهم؟

أما الجواب عن السؤالين الأولين، فهو أن النبي صلّى الله عليه وسلم لم ينص على معنى الأحرف السبعة، ولا نصّ أحد من رواة الحديث كذلك.

قال ابن العربي: «لم يأت في معنى هذه السبع نص ولا أثر، واختلف الناس في تعيينها» (١).

أما أن الصحابة الكرام رضي الله عنهم عرفوا معناها أو لم يعرفوا، فنقول بادئ بدء: بأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، ولا شك أن الأمة- وقتئذ- محتاجة لمعرفة معنى الأحرف السبعة لكي تتمكن من الإتيان بالرخصة، وهي القراءة وفق الأحرف السبعة وقد عمل الصحابة بهذه الرخصة.

ولذلك، فان النبي صلّى الله عليه وسلم والصحابة الكرام رضي الله عنهم لم يبيّنوا حقيقتها لأحد أمرين لا ثالث لهما:

الأمر الأول: أن معنى هذه الأحرف السبعة واضح عندهم مما جعلها غير محتاجة للبيان والتفسير؛ ولذلك لم يرد في شيء من روايات الحديث على تعددها وكثرتها أن أحدا سأل عن معناها، وقد اطلعوا عليها وعملوا بها، وهذا أقرب الأمرين إلى النصوص الواردة في معنى الأحرف السبعة.

الأمر الثاني: أن معنى هذه الأحرف السبعة غير واضح عندهم مع تعسّر فهمها لكثرتها وتشعّب فروعها مما احتاج مع ذلك إلى بحث واستقصاء قام به اللاحقون، وهذا قول يتناقض ومعنى الرخصة والتوسعة على الأمة، فقد فهموا معناها وعملوا بها، وحصل المقصود منها (٢).


(١) الزركشي، البرهان في علوم القرآن (١: ٢١٢).
(٢) د. عبد العزيز القارئ، حديث الأحرف السبعة وصلته بالقراءات القرآنية، ص ٧٧ - ٧٨، وانظر نحوا من هذا الكلام بصورة موجزة مقتضبة: د. محمد سالم محيسن، القراءات وأثرها في علوم العربية (١: ٢٦).

<<  <   >  >>