للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظاهر، وإذا كان الأمر كذلك فهذا اللفظ (زوارات) إنما يدل على لعن النساء اللاتي يكثرن الزيارة.

بخلاف غيرهن فلا يشملهن اللعن، فلا يجوز حينئذ أن يعارض بهذا الحديث ما سبق من الأحاديث الدالة على استحباب الزيارة للنساء، لأنه خاص وتلك عامة.

فيعمل بكل منهما في محله، فهذا الجمع أولى من دعوى النسخ، وإلى نحو ما ذكرنا ذهب جماعة من العلماء، فقال القرطبي:

(اللعن المذكور في الحديث إنما هو للمكثرات من الزيارة لما تقتضيه الصيغة من المبالغة، ولعل السبب ما يفضي إليه ذلك من تضييع حق الزوج والتبرج.

وما ينشأ من الصياح ونحو ذلك وقد يقال: إذا أمن جميع ذلك فلا مانع من الاذن لهن، لان تذكر الموت يحتاج إليه الرجال والنساء).

قال الشوكاني في (نيل الأوطار) (٤/ ٩٥): (وهذا الكلام هو الذي ينبغي اعتماده في الجمع بين أحاديث الباب المتعارضة في الظاهر) (١). [أحكام الجنائز ص ٢٢٩].


(١) ١ - وإلى هذا الجمع ذهب الصنعاني أيضا في: (سبل السلام)، ولكنه استدل للجواز بأدلة فيها نظر فأحبت أن أنبه عليها، أولا: حديث الحسين بن علي رضي الله عنهما (أن فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم كانت تزرو قبر عمها حمزة كل جمعة فتصلي وتبكي).
أخرجه الحاكم (١/ ٣٧٧) وعنه البيهقي (٤/ ٧٨) وقال (وهو منقطع، وسكت عليه الحافظ في (التلخيص) (٥/ ٢٤٨) وتبعه الصنعاني! وسكوت هذين واقتصار البيهقي علي إعلاله بالانقطاع قد يوهم أنه سالم من علة أخرى.

.

<<  <   >  >>