ثم احتج النووي لما ذهب إليه الجمهور بالآية السابقة الذكر وبالأوامر الواردة في الأحاديث المتقدمة, ولا يخفى أن غاية ما تفيده هذه الأوامر هو الوجوب, والوجوب لا يستلزم الشرطية؛ لأن كون الشيء شرطا حكم شرعي وضعي لا يثبت إلا بتصريح الشارع بأنه شرط أو بتعليق الفعل به بأداة الشرط أو ينفي الفعل بدونه (١) نفيا متوجها إلى الصحة لا إلى الكمال أو بنفي الثمرة ولا يثبت بمجرد الأمر به كما قال الشوكاني رحمه الله. فالحق أن إزالة النجاسة ليست شرطا لصحة الصلاة وهو قول الشافعي في القديم وإنما هي واجبة لهذه الأوامر يأثم مخالفها فمن صلى وعلى بدنه أو ثوبه نجاسة كان تاركا لواجب وأما إن صلاته باطلة كما هو شأن فقدان شرط الصحة فلا لما عرفت. ويدل لذلك حديث أبي سعيد الآتي:
[حكم من علم بنجاسة وهو في الصلاة:]
(٣ - ومن علم وهو يصلي بأنه يحمل نجسا, فعليه أن يزيله ويستمر في صلاته ويبني على ما كان قد صلى قبل الإزالة وصلاته صحيحة. فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى ذات يوم فلما كان في بعض صلاته خلع نعليه فوضعهما عن يساره فلما رأى الناس ذلك خلعوا نعالهم فلما قضى صلاته قال: (ما بالكم ألقيتم نعالكم؟) قالوا: رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا - أو قال أذى وفي رواية: خبثا - فألقيتهما. فإذا
(١) ثم لاحظ بعض الإخوان أن حديث ابن سمرة يوجد فيه نفي الفعل أي ترك الصلاة إذا رأى شيئا وحينئذ يلزم إثبات شرطية طهارة الثوب. وهذا أمر ظاهر لأول وهلة فليتأمل ثم ليحرر.