بالشيخ الكبير). لما عرفت أن ابن عباس صرح بأن الآية منسوخة لكن حكمها منسحب إلى العاجز عن الصيام بدليل السنة لا الكتاب لما سبق بيانه وقد توهم كثيرون أن ابن عباس يخالف الجمهور الذين ذهبوا إلى نسخ الآية وانتصر لهم الحافظ ابن حجر في (الفتح) فقال (٨/ ١٣٦) تعليقا على رواية البخاري عن ابن عمر أنه قرأ {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} قال: (هو صريح في دعوى النسخ ورجحه إبن المنذر من جهة قوله {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} قال: لأنها لو كانت في الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصيام لم يناسب أن يقال له {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} مع أنه لا يطيق الصيام).
قلت: وهذه حجة قاطعة فيما ذكر وهو يشير بذلك إلى الرد على ابن عباس ومثله لا يخفى عليه مثلها, ولكن القوم نظروا إلى ظاهر الرواية المتقدمة عن ابن عباس عند البخاري الصريحة في نفي النسخ ولم يتأملوا في الرواية الأخرى الصريحة في النسخ ثم لم يحاولوا التوفيق بينهما وقد فعلنا ذلك بما سبق تفصيله.
وخلاصته: أن يحمل النفي على نفي نسخ الحكم لا الآية والحكم مأخوذ من السنة ويحمل النسخ عليها. وبذلك يتبين أن ابن عباس رضي الله عنه ليس مخالفا للجمهور. وهذا الجمع مما لم أقف عليه في كتاب فإن كان صوابا فمن الله, وإن كان خطا فمن نفسي. واستغفر الله من كل ما لا يرضيه.