قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره نحوه. إلا أنه قال:" فأهلا وأقبلا، وذلك ليلة الصدر "، لكن الواسطة بين أبي نجيح وعبد الرحمن لم يسم، فهو مجهول، فزيادته منكرة، وإن سكت الحافظ في " الفتح "(٣/ ٤٧٩) على زيادته التي في آخره: " وذلك ليلة الصدر "، ولعل ذلك لشواهدها.
والله أعلم.
وجملة القول: أنه لا يوجد ما ينفي قول ابن القيم المتقدم أنه لم يعتمر بعد الحج أحد ممن كان مع النبي صلى الله عليه وسلم سوى عائشة، ولذلك لما نقل كلامه مختصرا الحافظ في " الفتح " لم يتعقبه إلا بقوله (٣/ ٤٧٨): " وبعد أن فعلته عائشة بأمره دل على مشروعيته "! ومن تأمل ما سقناه من الروايات الصحيحة، وما فيها من بيان سبب أمره صلى الله عليه وسلم إياها بذلك تجلى له يقينا أنه ليس فيه تشريع عام لجميع الحجاج، ولو كان كما توهم الحافظ لبادر الصحابة إلى الإتيان بهذه العمرة في حجته صلى الله عليه وسلم وبعدها، فعدم تعبدهم بها، مع كراهة من نص على كراهتها من السلف كما تقدم لأكبر دليل على عدم شرعيتها.
اللهم إلا من أصابها ما أصاب السيدة عائشة رضي الله عنها من المانع من إتمام عمرتها. والله تعالى ولي التوفيق. وإن مما ينبغي التنبه له أن قول ابن القيم المتقدم:" إنما كانت عمره كلها داخلا إلى مكة "، لا ينافيه اعتماره صلى الله عليه وسلم من (الجعرانة)، كما توهم البعض لأنها كانت مرجعه من الطائف، فنزلها، ثم قسم غنائم حنين بها، ثم اعتمر منها.