المحرمة لا تخمر وجهها ولا تنتقب, والسدل ليس به بأس تسدل على وجهها.
قلت: فقوله: " ليس به بأس " يدل على جواز السدل فبطل قول الشيخ بوجوبه كم بطل تقييده للرواية الأخرى عن الإمام الموافقة لقول الأئمة الثلاثة بأن وجهها وكفيها ليسا بعورة كما تقدم في كلام ابن هبيرة وقد أقرها ابن تيمية في " الفتاوى "(١٥/ ٣٧١) وهو الصحيح من مذهبه كما تقدم عن " الإنصاف " وهو اختيار ابن قدامة كما تقدم في " البحث الأول " وعلل ذلك بقوله:
لو كان الوجه والكفان عورة لما حرم سترهما بالنقاب لأن الحاجة تدعو إلى كشف الوجه للبيع والشراء والكفين للأخذ والإعطاء.
ومثل هذا التعليل ذكر في كثير من الكتب الفقهية وغيرها ك " البحر الرائق " لابن نجيم المصري (١/ ٢٨٤) وتقدم نحوه عن الشوكاني في أول هذا " البحث الخامس "(٢٧).
ومما سبق يتبن للقراء الكرام أن أقوال الأئمة الأربعة متفقة على تخيير المرأة المحرمة في السدل على وجهها وعدم إيجاب ذلك عليها خلافا للمتشددين والمقلدين هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فقد دل قول مالك في " الموطأ " وقول ابن عبد البر: " وغير صلاتها " على بطلان تأويل التويجري المذكور وكذلك تخيير الأئمة المحرمات بالسدل لأن ذلك خارج الصلاة.