وسلم، في حديث طويل ذكر فيه المقاتل والقاريء والمتصدق الذين يراؤون بأعمالهم، وقال: أولئك أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة يا أبا هريرة» .
وقد يجمع بين هذا الحديث والذي قبله، بأن هؤلاء الثلاثة أول من تسعر بهم النار، وأولئك الثلاثة أول من يدخل النار أخص من دخولها، فإن تسعيرها يقتضي تلهبها وإيقادها، وهذا قدر زائد على مجرد الدخول، وإنما زاد عذاب أهل الرياء على سائر العصاة، لأن الرياء هو الشرك الأصغر، والذنوب المتعلقة بالشرك أعظم من المتعلقة بغيره.
وقد ورد أن فسقة القراء يبدأ بهم قبل المشركين، «فروى عبد الملك بن إبراهيم الجدي، حدثنا عبد الله بن عبد العزيز العمري، عن أبي طوالة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: الزنابية أسرع إلى فسقه القراء منهم إلى عبدة الأوثان، فيقولون: يبدأ بنا قبل عبدة الأوثان؟ فيقال لهم: ليس من علم كمن لا يعلم» .
خرجه الطبراني وأبو نعيم وقال: غريب من حديث أبي طوالة، تفرد به عند العمري، انتهى.
والعمري هذا هو أبو عبد الرحمن الزاهد رحمه الله.
وقد ذكرنا، في الباب الخامس والعشرين، أحاديث متعددة في خروج عنق من النار يوم القيامة، تتكلم، وأنها تلتقط من صفوف الخلق: المشركين والمتكبرين وأصحاب التصاوير، وفي رواية «ومن قتل نفساً بغير نفس، فينطلق بهم قبل سائر الناس بخمسمائة عام» .
وروى عن ابن عباس وغيره من السلف، أن ذلك يكون قبل نشر الدواوين ونصب الموازين.
وجاء في حديث مرفوع، أن ذلك يكون قبل حساب سائر الناس، والله أعلم.
وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.