للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (٤) وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٥)} (١).

لقد كان طه حسين طليعة المجترئين على حرب الوحي والرسل والرسالات، وما زال يعد عند الحداثيين والعلمانيين صاحب طريقة يجب أن تطاع وأن تسلك، فها هو الحداثي عزيز العظمة يستشهد بكلام طه حسين، ويجعله منطلقًا لرفض وصاية أهواء الماضي، واعتبره برنامج عمل للفاعلية العقلانية التاريخية (٢)، وقائد الريادة للممارسة الفكرية المستقلة عن الماضي، واعتبر أن الذين ردوا على طه حسين في تلك النصوص الكافرة يمارسون الردة ويعملون إلى إرجاع الأسطورة وإرجاع النص إلى مكانته المتعالية ورفض المساءلة، ثم ينتقد العظمة الذين أحجموا عن القيام بمثل ما قام به طه حسين (٣).

ثم ختم مقاله بقوله: (إن عنوان الحداثة العلمانية فى يومنا هذا هتك أساطير البداية، ووعي التاريخ والتأسيس فيه ومن سياقه العالمي، وإعادة الوصل مع كونية طه حسين مع مواضع أخرى حيث تعطل الوصل بيننا وبين الترقي الثقافي والعقلي الكفيل بإعادة الاعتبار للشرط اللازم للرقي في معانيه الأعم) (٤).

وهذا ما ترسخ فعلًا في مشروعات أهل الحداثة والعلمانية فقد وجدوا أن الإلتحاق بهذه المفاهيم هو أقرب الطرق لهدم الإسلام من خلال هدم أصوله ومصادره، ويثني النصراني المصري غالي شكري على كتاب صدر بعنوان "الكتابة السوداء" (٥)، والذي قام أصحابه بنشر الفصل الذي تحدث فيه طه حسين في كتابه في الشعر الجاهلي عن إبراهيم وإسماعيل عليها الصلاة


(١) الآيتان ٤، ٥ من سورة الفرقان.
(٢) الإسلام والحداثة: ص ٢٦٩.
(٣) انظر: المصدر السابق: ص ٢٧٠ - ٢٧١.
(٤) المصدر السابق: ص ٢٧١.
(٥) الكتابة السوداء كتاب أصدرته مجموعة أصوات في مصر سنة ١٤٠٨ هـ/ ١٩٨٨ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>