للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَشَرًا رَسُولًا (٩٣) وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (٩٤)} (١).

وهذه المقترحات الجاهلية والاعتراضات المادية هي عينها أصول جدليات الماديين المعاصرين، الذين رتعوا في جاهلية هذه القرون مستخدمين دثار العلم زيفًا ومغالطة، ورداء العقل ادعاء ومكابرة.

وقد تبعهم في هذه السراديب الخربة أبناء المسلمين الذين تلقوا عن الغرب باندهاش، وتلقفوا ما عندهم بتسليم، وقلدوهم ببلادة، وقد نقلنا في مواطن عديدة في الفصول الماضية إقرار الحداثيين والعلمانيين بالتبعية، وعدم تحرجهم مطلقًا من الاعتراف بها، وهي اعترافات ليست شاذة عن المسيرة الفكرية التي يعيشها هؤلاء في الواقع، حيث ينادون قولًا وعملًا وفكرًا واعتقادًا إلى أخذ ما عند الغرب من عقائد ومناهج وأفكار على اعتبار أن ذلك -كما يدعون- من مقتضيات "العصر" ولوازم "التنوير والتطوير"، ومن رفض هذه العقائد والأفكار فهو عندهم "ظلامي" و"متخلف" و"منحط" و"عائش خارج التاريخ" إلى آخر الشتائم الجاهلية العلمانية الحداثية، التي امتلأت بها كتبهم ومجلاتهم وسائر منابرهم الإعلامية.

ولكن هل صحيح أن كل ما في الغرب من فكر هو من مقتضيات العصر بحيث يصبح الذي يرفضه متخلفًا عن ركب عصره؟.

وللإجابة على هذا السؤال لابد من نظرة تحليلية فاحصة لنرى مما يتكون هذا الفكر، ولنعرف أي مكوناته لازم لعصرنا وأيها طارئ عليه.

[(إن الحضارة الغربية تتكون على وجه الإجمال مما يلي]

أولًا: حقائق رياضية أو طبيعية أو اجتماعية أو نفسية ثبتت صحتها بالتجربة الحسية أو البرهان العقلي.


(١) الآيات ٨٩ - ٩٤ من سورة الإسراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>