القضية الثالثة: محاربتهم للحكم الإسلامي والدعوة إلى تحكيم غيره وهو ما سبق الكلام عنه مستقلًا في الفصل الثاني من الباب الرابع من هذا البحث.
فهم لا يرضون باللَّه ربًا ولا بالإسلام دينًا ولا بمحمد -صلى اللَّه عليه وسلم- نبيًا، وليس ببعيد على قوم أنكروا وجود اللَّه أو شككوا فيه، وأنكروا ألوهية اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-، وجحدوا الثوابت أو ارتابوا فيها، وجحدوا الوحي ونفوا المعاد، ليس ببعيد عليهم أن يكونوا ألد الأعداء لشريعة الإسلام، وللدين الحنيف.
ولقد فاضت أفواههم ببغض هذه الشريعة وما تخفي صدورهم أكبر، دعوا إلى محاربة تطبيق الشريعة، وزعموا أنها ضد التقدم والتحرير والنهضة، فنادوا بأبعادها من الواقع ضد الذين يدعون إلى تطبيق شرع اللَّه.
ودعوا في مقابل ذلك إلى تحكيم الديمقراطية الليبرالية الرأسمالية، أو الماركسية والاشتراكية، واجتهدوا في وضع الدساتير والأنظمة الوضعية الجاهلية.
وجملة القول أنهم رفضعوا حكم اللَّه أصلًا، وزعموا أنه لا يلائم العصر، وأنه لا يُمكن اعتماد الإسلام نظامًا للحكم، وزعموا أنه سبب للتخلف وعائق عن التقدم، وأنه لا تحرر فيه بل هو ضد الحرية، وزعموا أن أحكام الشريعة بشرية من صنع البشر وليست إلهية، ودعوا لفصل الدين عن الدولة لأنهم يرون أن إخضاع الدنيا للدين مشكلة وكارثة.
وسخروا بأحكام الإسلام، وقالوا بوجوب تفسيرها تفسيرًا عصريًا وتطبيقه تطبيقًااَ علمانيًا، إلى غير ذلك من المواقف والتي يتجلى منها موقفهم العدائي تجاه الإسلام وتحكيم شريعته، وهذا الموقف مما يكاد يتفق عليه جميع الحداثيين والعلمانيين ومنه تتجسد انحرافاتهم في القضايا السياسية والاقتصادية.
[وأوجه انحرافاتهم في القضايا السياسية والاقتصادية كثيرة أظهرها]
١ - دعوتهم إلى تطبيق النظم السياسية والاقتصادية الجاهلية، وإخضاع الأمة لها.