خلق اللَّه الإنسان وأوجد فيه الإرادة والقدرة على العمل، وجعل له القلب والعقل، العاطفة والفكر، ووهبه أدوات التعلم والتعليم سمعًا وبصرًا وفؤادًا، وسخر له من المخلوقات ما يناسب ضرورته، ويحقق حاجته، المعيشية، ورغبته التحسينية وجعله متميزًا بعقله ونطقه وإرادته.
ومنذ أن خلق اللَّه الإنسان أمره ونهاه، أمره وزوجه أن يسكنا الجنة ونهاهما عن أكل الشجرة، وكان الأمر والنهي منه -سبحانه- لمقتضى ألوهيته وربوبيته موجهًا إلى من كانت مقتضيات بشريته وآدميته ومؤهلات الخلقة فيه صالحة للعبودية التامة وقابلة لاتباع أوامر اللَّه واجتناب نواهيه.
هذه الحقيقة الأولية التي تظافر على إثباتها البرهان العقلي النقيّ، والفطرة القويمة السليمة، وجاء الرسل الكرام -عليهم الصلاة والسلام- لترسيخ وإيضاح هذا المعنى كلما لجّت البشرية في غواية الأهواء واسترسلت في اتباع الشياطين من الجن والإنس.
إن حقيقة كون الإنسان عبدًا مخلوقًا لإله خالق مدبر إليه المصير؛ هي أم الحقائق وأساس المنطلق لحياة إنسانية حقيقية كريمة، والقاعدة الأولية لمن أراد الدخول في الإسلام أن هذه القضية بمعطياتها ودواعيها وأسبابها وبمقتضياتها ولوازمها ومفرداتها هي أساس الصراع أصلًا بين الحق والباطل والخير والشر والفضيلة والرذيلة والهدى والضلال والاستقامة والانحراف.
إنها أساس المعركة بين التوحيد والشرك، والإسلام والكفر، والإيمان والنفاق، ولذلك كانت عقيدة الرسل الكرام -عليهم السلام- تنادي ابتداءً