كل منا الهلع، الضرب، الوجود حولنا، وجودكم، كريه عدو، لن نتقبله، لن نصادقه. . . هكذا نعلن أنفسنا غواة وخائنين، الهاوية تأتي معنا، تعرف ذلك، سنعمقها سنوسعها، سنضع لها أجنحة من الريح والضوء) (١).
ليس في ميسور هؤلاء السماسرة إلّا أن ينهلوا من مستنقع الفوضى والعبث ثم يفاخرون بعد ذلك بعملهم المنحط!!.
لقد استقال أتباع هذه العبثية والفوضية من كل قيمة يُمكن أن يركن إليها، من عقيدة أو فكرة أو نظام أو فطرة أو خلق، فعلى أي رأي من الآراء أو قيمة من القيم أو ضابط من الضوابط يُمكن أن يعول عليه دعاة الفوضى والهدم؟.
وحاصل هذا المدرك أن العبث بالمفاهيم والألفاظ، والفوضى في المعاني والمصطلحات، من أوسع أبواب تجار الحداثة والعلمنة، يخرجون من هذا الباب ما في طوياتهم من شر وإجرام، وفساد وضلال.
[المدرك الثاني]
أن من أصول الحداثة -باعتراف روادها وأصحابها كما سوف يأتي- الهدم والفوضى والخلخلة للأفكار والمعتقدات الراسخة، والعبث والجنون والتخريب والتخبط والتشويش والعدمية المطلقة.
وهي ألفاظ قد تبدو لأول وهلة، ألفاظ فضح لمذهبهم وكشف لعقيدتهم ومسلكهم، من قبل مضاد لهم، ومخالف لمنهجهم.
غير أن الحقيقة أن هذه الألفاظ -ذات المضامين والأوصاف- هي ألفاظهم، والمصطلحات هي مصطلحاتهم، والنعوت هي نعوتهم التي أطلقوها على أنفسهم.
ولا عيب عندهم في إطلاق هذا على أنفسهم، وقد سبق في المدرك الأول نقل كلام أدونيس عن نفسه وعن الحداثيين بأنهم هدامون، غواة