الحمد للَّه رب الناس، ملك الناس، إله الناس، خالق الخلق أجمعين، الإله الحق المبين، خلق الإنسان من سلالة من طين، وخلق الملائكة من نور مبين، وخلق الجان من مارج من نار، أرسل الرسل، وأنزل الكتب، وقدر المقادير، وشرع الشرائع، وخلق الدنيا والآخرة، والموت والحياة، والجنة والنار، وجعل الجنة للمؤمنين دارًا، والنار للكافرين قرارًا.
وصلى اللَّه وسلم على خاتم أنبيائه، المبعوث رحمة للعالمين أجمعين، بالدين القويم، والصراط المستقيم، فدعا إلى اللَّه وجاهد في سبيله، وأقام منارات العلم والهدى والخير والعدل، وأثبت أحكام الإسلام في خير دولة أقيمت على وجه الأرض، وأنشأ مجتمعًا هو خير مجتمع ظهر على وجه البسيطة، اتبعوا أوامر اللَّه فلم يضلوا، وحكَّمُوا شريعته فلم يذلوا، وساروا على الهدى المستقيم فكانوا خير أمة أخرجت للناس، رضي اللَّه عنهم وعن التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فإنه لما كثرت سهام الشبهات التي يرميها أعداء الإسلام، وتطاول أهلها، وأجلبوا بخيلهم ورجلهم، وبثوا سمومهم الفكرية والسلوكية، على شبيبة الأمة الإسلامية، محاولين إغراقهم في الضلالات، وإخراجهم من النور إلى الظلمات، وتبديل يقينهم وإيمانهم، وطرحهم في مفاوز الشكوك والريب والترهات؛ كان لزامًا على من علم ذلك أن يبين لأمته وأبناء ملته خطورة هذه المسالك، وفظاعة هذه المهالك، كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (٥٥)} (١).