يرى الحداثيون أن المجتمع الذي فيه بقايا من الدين وأخلاقه وقضاياه؛ عائق من عوائق انطلاقاتهم، ومعوق من معوقات مشروعاتهم؛ ولذلك سعوا جاهدين في تفكيك المجتمع ومؤسساته.
ويظهر ذلك في انحرافهم الاعتقادي المتمثل في جحدهم لربوبية اللَّه تعالى وألوهيته وأسمائه وصفاته، فإنه هذا الجحد سيقود حتمًا إلى محاربة المجتمع الذي يؤمن بهذه الأمور ويعتقدها، وسيعهم في إبعاد المجتمع عن هذه القضايا الأساسية والمهمة سوف يقود المجتمع -ولابد- إلى التفكك والتمزق والضياع، والواقع أكبر الشواهد على ذلك، فإن الأمة لما تخلت عن عقيدتها أو عن بعض عقيدتها أصابها الوهن والهزيمة والشتات.
ثم إذا نظرنا إلى التصورات الاعتقادية التي استمدها الحداثيون والعلمانيون من الوثنيات القديمة والحديثة ومن الأديان المحرفة، وجدنا أنهم أضافوا عوامل أخرى تزيد من تفكيك المجتمع ودماره وإلحاق الفوضى به وبجميع مؤسساته.
لاسيما إذا تذكرنا ما سبق ذكره في الفصل الرابع من الباب الأول من دعوتهم إلى إلحاق بلاد المسلمين أو بعضها بالغرب من خلال الفكرة المتوسطية التي نادي بها أنطون سعادة وأدونيس والخال وسائر عصابة شعر، والتي دعا إليها طه حسين ولويس عوض وسلامة موسى وغيرهم.
فهذا الإلحاق والدمج الذي يرجوه ويأمله المتغربون العملاء والمقلدون الأغبياء هو دعوة صريحة إلى تدمير المجتمع وتحطيم قوائمه وهدم أركانه وتقويض بقايا ما ورثه من الدين القويم والخلق السليم.
ثم إذا نظرنا في موقفهم من النبوة والوحي والتي كان بسببها توحد الأمة وقيام المجتمع الإسلامي على الأسس الصحيحة القوية، ونظرنا كيف عادى الحداثيون النبوة والأنبياء والوحي والكتب المنزلة وخاصة القرآن العظيم، تبين أي ضرر يردون إلحاقه بالمجتمع.