للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولًا: في جحدهم لليوم الآخر وما وراءه، ونفي البعث، واعتبار موت الإنسان فناءً لا شيء بعده.

ويتضمن جحدهم لليوم الآخر، جحد كل الحقائق الثابتة التي تكون في الاحتضار والموت وما بعده حتى البعث والحشر والوزن والصراط والجنة والنار، وكل ما يكون مع ذلك من أمور مما ثبت صحتها، وهم بذلك لا يعدون عقائدهم المبنية على الضلال والفساد الإلحادي الكفري الذي هو أساس كل انحرافاتهم وقاعدة كل خرافاتهم.

فها هو زعيم الحداثة العربية النصيري علي أحمد سعيد المعروف بالاسم الوثني "أدونيس" يقرر من خلال شرحه لأقوال جبران خليل جبران أن اللَّه تعالى والأنبياء والفضيلة ليست سوى ألفاظ رتبتها الأجيال الغابرة، وهي قائمة بقوة الاستمرار لا بقوة الحقيقية (١)، وهو بهذا الزعم يؤسس اختلاقه لينفي المعاد والبعث.

وهكذا يصادر الملاحدة الحقائق واليقينيات المؤيدة بالدليل بمجرد الدعاوى العرية من أي برهان إلّا محض التحكم والادعاء والاستمساك بآراء أسلافهم من الكفار والمشككين، إن التمسك بالماضي الكفري الإلحادي، والتعبد له عبودية عمياء أحد سمات هذا المنهج الذي يدعي التقدم والتطور والتحديث ومقاومة التقليد، لقد اعتبروا التمسك بالتقاليد موتًا والتحرر منها مقدمة ضرورية للتحرر (٢).

ولكنهم لم يتحرروا من تقليد أقدم الكفار من قوم نوح -عليه السلام- حتى كفار مكة، بل رددوا أقوالهم، وكرروا دعاواهم، ولكن بلباس عصري وبطريقة جديدة، أمَّا المضمون والمحتوى فواحد لم يتغير، ومن أراد أن يستوضح هذه الحقيقة فعليه أن يقرأ أوصاف الكافرين والمشركين والمنافقين وأقوالهم التي جاءت في القرآن العظيم، ثم يقارن بينها وبين أقوال الكافرين المعاصرين، سوف يجد أنهم من حيث الفكرة والعقيدة والمحتوى في إطار


(١) انظر: الثابت والمتحول ٣ - صدمة الحداثة: ص ١٨٧.
(٢) انظر: المصدر السابق ٣/ ١٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>