للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الأول: وصف اللَّه تعالى وتسميته بأسماء وأوصاف النقص، ووصفه بما لم يصف به نفسه، ووصفه بما نفاه عن نفسه وإضافة أشياء إليه تهكمًا باللَّه تعالى أو تشريفًا لأشياء لم يشرفها اللَّه تعالى:

وشواهد هذا الضرب من الانحراف كثيرة جدًا في كلام الحداثيين، وبداية انحرافهم في هذا الباب من اعتبارهم أن صفات اللَّه تعالى مشكلة كما عبر عن ذلك محمد أركون في ندوة الإسلام والحداثة (١).

ومن تقريرهم أن الصفات الثابتة في الوحي والمأثور عن الصحابة إنّما كان تأثرًا بالمحيط الذي عاشوا فيه كما عبر عن ذلك أحدهم بقوله: (لم يكن محمد ولم يكن معاصروه معتزلة ولا كانوا أشاعرة، ولا فلاسفة، ولا بد أن في المعاني التي تداولوها من محيطهم والتي أسندوها إلى ألفاظ الألوهية والجبروت والغفران واليد والعرش وغيرها من عبارات الذات والصفات الإلهية تتميز تميزًا كبيرًا عما أسند إليها لاحقًا في المجتمعات المتمدنة في دمشق وبغداد ونيسابور وقرطبة) (٢).

ويتضمن هذا النص عدة افتراءات على الحقيقة:

أولها: الزعم بأن المعاني التي تداولها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والصحابة ليست من وحي اللَّه وإنّما هي من المحيط الذي عاشوه، وضرب أمثلة لذلك بالألوهية والصفات، وهذا يؤدي إلى مقصده الإلحادي الشنيع في جعل النص أسطورة وتاريخًا فحسب.

ثانيها: يتضمن كلامه أن ما أسند إلى صفات اللَّه تعالى لاحقًا في المجتمعات المتمدنة -حسب وصفه- أصوب وأصلح وأحكم مما قاله الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- واعتقده الصحابة.


(١) انظر: الإسلام والحداثة: ص ٣٦١.
(٢) انظر: الإسلام والحداثة: ص ٢٦٣ من مقال بعنوان النص والأسطورة والتاريخ لعزيز العظمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>