الفصل الرابع التصوُّرات المتأثرة بالوثنيات والديانات المنحرفة
إن المتتبع للأدب العربي المعاصر والدارس لمذاهبه ومدارسه وتوجهاته، يكتشف أن العنوان الموضوع لهذا الفصل يقارب الحقيقة ولا يلج إلى عمقها.
حيث إن الحقيقة في هذه القضية أن الأدب العربي المعاصر، وأعني الحداثة على وجه الخصوص لا تتوقف علاقته بالوثنيات والديانات المحرفة على مجرد التأثر بها، بل تجاوز ذلك إلى حد أصبحت معه هذه الوثنيات والديانات المحرفة جزءًا من النظام المعرفي، والأساس الثقافي والفكري للحداثة، وما الألفاظ الوثنية والنصرانية واليهودية إلّا نضحة من بئر عميقة استقى منها الحداثيون وتظلعوا.
ومما يؤكد هذا الأمر ما يلي:
١ - أن الحداثة نبتة غربية، وهذه النبتة نشأت وترعرعت في طينة الفلسفات الغربية التي تعود في أصل تكوينها إلى اليونانية الإغريقية، وإلى اليهودية والنصرانية.
٢ - إن أساتذة الحداثة من الغربيين على الرغم من مناداتهم بالتحرر من القديم وتجاوز السائد، إلّا أنهم لم يتحرروا مطلقًا من سلطان الفلسفات اليونانية القديمة، ولا من بقايا الدين النصراني واليهودي الذي ولدوا ونشاؤوا