للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن تأمل دين الإسلام وجده -في التقسيم المنهجي أو التصنيفي- يدور حول عدة قضايا هي العقيدة والشعيرة والشريعة والأخلاف، فالأخلاف ربع الإسلام -إن صحت التسمية والقسمة- وهي مربوطة بالعقيدة، موصولة بها، مثل ارتباط الشريعة والشعيرة.

ويتبين هذا الارتباط من خلال النظر إلى الإسلام على حقيقته الصحيحة، على أنه وحدة كاملة متشابكة مترابطة لا انفصال بين أجزائها وعناصرها وأقسامها في الواقع، وإن جرى على ألسنة وأقلام أهل الإسلام تقسيمه إلى عبادات وعادات أو عقائد وشرائع وأخلاق، فهذا التقسيم هو من الناحية النظرية التعليمية التصنيفية حيث جرى العرف العلمي على تجميع كل فئة منها تحت كلية من الكليات.

[وإذا نظرنا إلى أوجه الارتباط بين العقيدة والأخلاق وجدناها تتمثل فيما يلي]

١ - إن العقيدة الإيمانية هي أساس الدين، وأصل كل شيء في ملة الإسلام، فالمصلي يصلي للَّه تعالى مؤمنًا بألوهيته وربوبيته مطيعًا أمر رسوله راجيًا ثوابه في المعاد، وكذلك صاحب الخلق الحسن، يظهر خلقه الحسن في سلوكه راجيًا -في حال احتسابه- الأجر من اللَّه تعالى؛ لأنه يطيع أمر اللَّه الإله الحق، ويقتدي بالرسول الكريم -صلى اللَّه عليه وسلم-، فهو بذلك يطبق لوازم إيمانه باللَّه ورسوله والوحي والمعاد.

٢ - أن الإيمان باللَّه تعالى يندرج تحت الدوافع الأساسية للأخلاق، بل هو من أعظم الدوافع وأهمها وأقواها تأثيرًا في غرس فضائل الأخلاف وتعهدها وجعلها سلوكًا، وفي النهي عن رذائل الأخلاف.

٣ - لارتباط الخلق بالإيمان نجد أن دين الإسلام يعتمد في غرس الفضائل وتعهدها والنهي عن الرذائل على صدق الإيمان وكماله، كقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت" (١).


(١) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب: من كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر. . . ٥/ ٢٢٤٠، ومسلم في كتاب اللقطة، باب: الضيافة ونحوها ٢/ ١٣٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>