للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرون -زورًا وبهتانًا- أن الإنسان أصبح لإيمانه باللَّه (مجرد وسيلة، قطعة شطرنج على لوح الأديان) (١) وأن (شرائع الأديان أصبحت الآن وفي أغلبها كسيحة عن ملاحقة التطور المذهل للبشرية) (٢).

وأن النهضة اليوم لم تأت إلّا بعد التمرد والرفض للأديان (ففي عصر النهضة كانت المجتمعات شرنقة للدين من خلال سيطرة رجال الدين، إلى أن خلع الفكر تلك الشرنقة ومزقها لتدب فيه الحياة بآراء المفكرين والفلاسفة والعلماء) (٣).

هذه حقيقة نظرتهم للدين وإن صبغوا أعمالهم بصبغة الأدب، ولونوا مقاصدهم بألوان التحديث والإبداع الفنيّ والتطوير اللغويّ ونحو ذلك من عاداتهم الكلامية.

المظهر الثالث من مظاهر الانحراف في توحيد الألوهية: جحد حق العبودية للَّه تعالى والسخرية بالعبادة ومظاهرها:

وهي نتيجة حتمية للمقدمة الإلحادية الكفرية، التي جعلوها أساسًا للحداثة والعلمنة وما يسمونه الإبداع والتطوير، وهي جحد ألوهية اللَّه الواحد الأحد، فمن يجحد أن اللَّه هو الإله الحق المعبود دون سواه فلا ريب أنه سيجحد حقه تعالى في أن يعبده الخلق الذين أوجدهم من عدم ويميتهم ثم يحييهم، وسيسخر بالعبادة ومظاهرها.

وهو دأب أسلافهم من الكفار الأقدمين، فهم على آثارهم مقتدون، كما أخبر اللَّه تعالى في قوله: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا (٥٦)} (٤)، {ذَلِكَ


(١) المصدر السابق: ص ١٩٥ ونحوه ص ٢٠٩.
(٢) المصدر السابق: ص ١٩٨.
(٣) المصدر السابق: ص ١٩٩.
(٤) الآية ٥٦ من سورة الكهف.

<<  <  ج: ص:  >  >>