للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن آثار غرقه في عالم بودلير وانغماسه في تقليده وأتباعه اتخذ له معبودات شتى منها أفريقيا التي يقول عنها:

(وبلادي أرض أفريقيا البعيده

هذه الأرض التي أحملها ملء دمائي

والتي أنشقها مثل الهواء

والتي أعبدها في كبرياء) (١).

وامرأة معشوقة يقول على لسانها:

(وترددين

وملء جسمك

رعشة متندمة

كم كان يهواني

ويعبد روحي المتأله) (٢).

وفي الجملة ليس المراد هنا جمع كل ما قالوه من ألفاظ تفيد عبوديتهم لغير اللَّه، أو استهانتهم واستخفافهم بلفظ العبودية، بل المقصود الإتيان ببعض الشواهد على هذا اللون من الانحراف وعلى هذه القضية الضلالية التي أصبحت من المسلمات العادية والمستساغة عند أهل الحداثة.

وإذا كانوا قد تشعبوا في أودية العبوديات المختلفة فإنهم تشعبوا كذلك في أدوية ألوهيات مختلفة ألهوها من دون اللَّه، وهو ما سيأتي إيضاحه في:

المظهر الخامس من مظاهر الانحراف في توحيد الألوهية: تأليه غير اللَّه تعالى، ووصف غيره -جلَّ وعلا- بالألوهية:

وقد انساقوا في هذا الباب تأثرًا بما عليه الغربيون الذين استمدوا هذا


(١) المصدر السابق ١/ ١٠٨.
(٢) ديوان الفيتوريّ ١/ ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>