للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الانحراف من جذورهم اليونانية الإغريقية التي وزعت الألوهية على آلهة وأرباب شتى، وفرقت الإنسان في آماله وطموحاته ومشاعره على هذه الآلهة الباطلة، ومزقت حياته شر ممزق وألقت به في أودية الهلكات، وردته إلى أسفل سافلين، فعاش في خسر وبوار، وهذا هو شأن كل كفر وشرك وإلحاد في قديم الزمان وحديثه.

والذي يتحدث عن مشكلات الإنسان المعاصر في أوجهها النفسية والفكرية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية مغفلًا سببها الأساسي المتمثل في انحراف الإنسان عن طاعة اللَّه وعبادته، فإنما يخبط في ظلام وتيه في صحراء الأوهام، وإن أتى بحل فإنّما هو حل جزئيّ يصلح جانبًا ويفسد جوانب أخرى، ويداوي زكامًا ويوجد جذامًا.

وذلك لأن أساسي منهاج الإسلام التأله للَّه تعالى، وهو العليم الحكيم، ومنهجه هو الحكمة والعدل والخير كما قال تعالى: {ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا (٣٩)} (١).

وقال -جلَّ شَأنُهُ-: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢)} (٢).

فمتى أعرض الإنسان عن هذا الأصل وهو تأليه اللَّه وحده لا شريك له وعبادته فى ون سواه، فإنه يخبط في الضلال ويتردى في الهلاك والخسران: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (١٠٣) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (١٠٤)} (٣).


(١) الآية ٣٩ من سورة الإسراء.
(٢) الآية ٢ من سورة الجمعة.
(٣) الآيتان ١٠٣ - ١٠٤ من سورة الكهف.

<<  <  ج: ص:  >  >>