للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو ذهبت استعرض أقوالهم فى هذا الصدد لطال الكلام، وفيما ذكرته كفاية للدلالة على المراد.

القضية الثانية: اعترافهم بالتبعية للغرب:

لقد استفاض ذلك عنهم، وثبت ثبوتًا لا يقبل الشك والمراء، بل وصل بهم الحال إلى حد التفاخر بالتبعية، ولولا أنني نقلت ذلك في مواضع من هذا البحث، وأشرت إلى المراجع العديدة، لكنت أثبت هنا من كلامهم ما يؤكد هذه القضية (١).

وصفوة القول إن القوم قد انغمسوا إلى آذانهم في تقاليد ومحاكاة الغرب، والتبعية الفكرية والسلوكية لمذاهب الغرب ونظمه وأخلاقه.

وقضية الارتماء في أحضان الغرب قضية عادية مسلم بها عند الحداثيين والعلمانيين، بل ومفتخر بها، إلّا أن بعضهم -مع إقراره بالتبعية- يبحث عن المسوغات، ويلتمس المبررات ويأتي بالفذلكات الكلامية، والتأويلات اللفظية لإضفاء مشروعية لهذه التبعية.

وبعضهم يمعن في المغالطة فيزعم أنه لا يوجد هناك شرق وغرب بل هناك حضارة إنسانية واحدة!! وثقافة عالمية موحدة، فليس هناك -حسب زعمهم- ما يجب الاحتياط ولا الحذر؛ لأنه لا يوجد في الواقع شيء يسمى الغزو الفكري!!.

وهذه الأقوال من جنس الادعاءات الحداثية الكثيرة، وما أكثر الدعاوى في هذه الملة!!، حتى أنه من الممكن أن تسمى "مذهب ذوي الادعاء".

وإلّا فكيف يقول عاقل بأنه لا يوجد غزو فكري، ولا توجد تبعية ومذهبهم أتى من هناك، ورموز هذا المذهب من هناك وامتداده الفكري، والدعم المعنوي والمادي كله من هناك؟، وقد شهد بعض الحداثيين والعلمانيين بذلك، مستنكرين هذه التبعية العمياء، ولكن على استحياء، حتى


(١) انظر: ص ٧١٢ - ٧١٥ من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>