للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولًا: التفسير المادي الذي يقول أن نشاط الإنسان وحركة المجتمع هي في اللهاث خلف الظواهر الاقتصادية والخنوع للمال والتأليه الأعمى للمادة.

وهذا التفسير المادي الاقتصادي الطبقي الذي نادى به كارل ماركس، والذي عرف "بالمادية التاريخية" التي تحولت إلى دولة ومذهب اجتماعي وتيار فكري وسياسي واقتصادي، بسط نفوذه على رقاع في العالم، وطبق نظامه السياسي والاجتماعي على شعوب ودول.

وتحولت الفلسفة المادية التاريخية من فلسفة ونظرية ونمط تفكير محض إلى ميدان الواقع والتجربة والتطبيق، وأخذت طريقها إلى أجهزة دول وحياة مجتمعات، مستخدمة كل وسائل الدعاية والسياسة والقمع والإرهاب الفكري والمادي وكل طرائق الفتنة والتدمير والخراب.

على الرغم من أن المادية الجديلة لم تقم على أساس علمي باعتراف أصحاب النظرية أنفسهم، وكذلك كان شأن المادية التاريخية وكل ما تفرع عن ذلك من ضروب السياسة والاقتصاد الذي يسمى الاشتراكية العلمية وغير ذلك.

ومن أهم مبادئ الفلسفة الماركسية أن الفرد لا قيمة له إزاء الجماعة، ولذلك كانت هذه النظرية لا تتصل بالأفراد؛ لأنهم -عند ماركس- أضعف في نظره من أن يؤثروا في التغيير الاجتماعي، المحصور في الجماعات والطبقات، حيث الصراع الاقتصادي المسيطر والمحرك الأول الذي يوجه حركة المجتمع وحركة التاريخ.

فليس التاريخ البشري في التفسير الماركسي سوى صراع الطبقات الذي سوف ينتهي بفوز الطبقة التي تنسجم مع تطور وسائل الانتاج، والعلاقات الاقتصادية الناشئة عنها، ويتواصل الصراع حتى تنجح الطبقة العاملة "البلوريتاريا" في الوصول إلى الحكم فتسقط الملكية الخاصة، وتعم العدالة التامة والمساواة الحقيقية، حيث يتحول البشر جميعًا -حسب زعمهم- إلى طبقة واحدة تنتهي مع وجودها الحروب ويحل العدل والرخاء والسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>