ثم يذكر الثورة الحداثية وكيف تعتمد التحطيم والدعوة إلى (انهيار سلطة الأب، وتفكيك نظام العائلة)(١).
[الوجه السابع: أثر انحرافهم في القضايا النفسية في الانحرافات الاجتماعية]
مرّ في الفصل السابق توضيح الأصل الكبير الذي اعتمده الغربيون في دراستهم للنفس الإنسانية ذلك الأصل المسمى بمدرسة "التحليل النفسي" التي يتزعمها اليهودي "فرويد"، وذكرنا مجمل هذا الاتجاه، وما يتضمنه من دلالات وإيحاءات وما ترتب عليه من ممارسات عملية على مستوى الفرد والجماعة.
لقد تغلغلت نظرية داروين ووليدتها نظرية فرويد النفسية في الحياة الاجتماعية الغربية، والحياة الاجتماعية التابعة للغرب، فأثرت أعظم التأثير في الأخلاق والتقاليد الاجتماعية والقيم العليا، والممارسات والعلاقات الاجتماعية والدولية والسياسية.
لقد أصبح المجتمع بناء على هذه النظريات في هيئة قطيع يعيش الحياة الجنسية المحمومة، ويلهث كل فرد منه خلف مصلحته الذاتية وشهوته الحيوانية وملذاته ورغباته الأنانية.
إن الأصل الذي رسخته الحداثة من خلال اعتقاداتها المادية، وفلسفتها الحيوانية، ورؤيتها الدنيوية البحتة كلها تعود من قريب أو بعيد بتصريح أو تلميح إلى جعل الإنسان مجرد كائن أرضي لا علاقة له بخالق أو إله، ولا نصيب فيه لروح بل هو جسد محض يعيش مكبوتًا -حسب زعمهم- تحت ضغط الدين والأخلاق والمجتمع، ولا حرية له إلّا بالقضاء على هذه الأمور.
وهذا الإنسان لا يتحقق كيانه ولا تظهر إبداعاته إلّا بعيشه بعيدًا عن هذه