للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

• العقيدة:

يعتبر أركون أن المعجم الاعتقادي عند المسلمين عقدة في طريق انتشار الحداثة، وذلك حين كتب: (الحداثة ومشكلة المعجم الاعتقادي القديم) (١) ونبه الأتباع والمقلدين ودعاة الحداثة بأنه (ينبغي أن نسير في موضوع الحداثة بتؤدة وبطء، فالأرض مزروعة بالألغام، ولكنك تستخدم كلمات كثيفة جدًا ومثقلة بالدلالات التاريخية دون أن تحاول تفكيكها أو تحليلها. . . كل هذه التعابير المصطلحية الأساسية التي ورثناها عن الماضي "كمفردات الإيمان والعقيدة بشكل خاص" لم نعد التفكير فيها حتى الآن، ونحن نستخدمها كأنها مسلمات وبدهيات ونشربها كما نشرب الماء العذب. . . عندما يستخدم المرء بشكل عفوي هذا المعجم الإيماني اللاهوتي القديم لا يعي مدى ثقله وكثافته وشحنته التاريخية وأبعاده المخيفة، وكل الأخطار المرافقة لاستخدامه) (٢).

الأصلاء أتباع الحق والهدى يُنتقدون عند هذا وأضرابه لاستخدامهم المصطلحات النقية، ذات المضامين الصادقة والمدلولات الخيرة، أما هم فلم ينتقدوا أنفسهم لاستخدامهم بل لانغماسهم في المصطلحات الضالة ذات المضامين الباطلة والمدلولات الشريرة، والتي من شأنها أن تهبط بالإنسان وتبتعد به عن مراقي السمو والفلاح، ليصبح مجرد شيء من الأشياء، أو حيوان من بهيمة الأنعام، هم لا يصدقون ذلك لأنهم أشربوا في قلوبهم عجل المادية، فإذا قيل لهم: لا تفسدوا في الأرض ولا تهبطوا بإنسانية الإنسان قالوا إنما نحن مصلحون، ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون.

ومن عبثهم بمصطلح العقيدة والإيمان، ما كتبه نصراني اشتراكي في افتتاحية العدد الأول من مجلة الأديب، حيث اعتبرها (منبرًا للرأي السياسي المنبثق من العقيدة الصادقة والإيمان الخالص) (٣).


(١) الإسلام والحداثة: ص ٣٢٧.
(٢) المصدر السابق: ص ٣٢٧ - ٣٢٨.
(٣) شخصيات وأدوار: ص ٤٣ والقول لأبير أديب.

<<  <  ج: ص:  >  >>