للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمره ونهيه جاء بتقرير ما هو مستقر في الفطر والعقول من تحسين الحسن والأمر به، وتقبيح القبيح والنهي عنه (١).

وهذا كله يصدق على الأخلاق التي أمر بها الإسلام لحسنها والتي نهى عنها لقبحها.

فمكارم الأخلاق يؤيدها الفكر العلمي ويستحسنها ويحث عليها، ورذائل الأخلاق يؤيد العقل اجتنابها ويستقبحها ويحث على البعد عنها، وهي إضافة إلى ذلك فطرية مغروسة في وجدان الناس، فإنه من المعلوم أن في فطر الناس ميلًا إلى مكارم الأخلاق، ورغبة داخلية في ممارسة كل سلوك تدفع إليه، وفي فطر الناس نفور واشمئزاز من رذائل الأخلاق، ورغبة داخلية باجتنابها واجتناب كل سلوك هو من آثارها، وهي إضافة إلى ذلك وفوق ذلك تعود إلى القاعدة الإيمانية في الإسلام، التي تلزم بطاعة اللَّه في أوامره ونواهيه، وأتي منها التوجيه للعمل بمكارم الأخلاق واجتناب رذائلها وقرنت ذلك بالوعد بالثواب لمن أطاع والوعيد بالعقاب لمن عصى (٢).

رابعًا: ارتباط الأخلاق بالأيمان والعبادة للَّه تعالى.

إن عقيدة الإسلام ليست مجرد عقيدة قلبية مجردة معزولة في الوجدان، وليست مجرد ألفاظ تردد على الألسن أو تدون في الكتب، وليست مجرد تفكير عقلي أو ثقافة ذهنية فقط، وليست مجرد جهد بدني أو عمل جوارحي فقط، بل هي ذلك كله؛ إذ الإيمان قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح.


(١) انظر: هذه القضية في مفتاح دار السعادة ٢/ ٧٦، ٩، ١٢، ٣٩، ٤٤، ٥٧، ومدارج السالكين ١/ ٢٣١ و ٣/ ٤٨٨، ٤٩٠، وشفاء العليل: ص ٤٣٥، ودرء التعارض ٨/ ٤٩٣، ومجموع الفتاوى ١١/ ٦٧٧ و ٨/ ٤٢٨، ٤٣٦، وسلم الوصول لشرح نهاية السول ١/ ٨٣ - ٨٤، ولوامع الأنوار البهية ١/ ٢٨٤، وشرح الكوكب المنير ١/ ٣٠٠ - ٣٢٢، وتيسير التحرير ١/ ٣٨٣ - ٣٨٧، وروح المعاني للألوسي ١٤/ ٩٤ و ١٥/ ٣٧ - ٤٢.
(٢) انظر: الأخلاق الإسلامية وأسسها ١/ ٢٢ - ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>