للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١ - أهمية الموضوع وسبب اختياره]

إن من أخطر وأشنع ما فعله أعداء الإسلام لتحصيل تلك المطالب الخبيثة، وتحقيق تلك المقاصد الضالة ما اتخذ في زمننا هذا من أساليب ثقافية ظاهرها "الأدب والشعر والثقافة والنقد" وباطنها الكفر والشك والنفاق.

ذلك أن أعداء الإسلام استطاعوا أن يبذروا في أرض المسلمين بذور حقدهم، ويستنبتوا فيها -في غفلة وضعف من أهلها- نباتات الشجرة الخبيثة، شجرة المادية الملعونة، فإذا بالمسلمين يرون ويسمعون من ينادي بالكفر جهرة ويدعو إلى الضلال صراحة، ويروج للرذائل الفكرية والخلقية علانية، مرة تحت قناع "الأدب الحديث" ومرة تحت شعار "الثقافة الإنسانية" وأخرى تحت لافتة "التحديث ومجاراة العصر وتداخل الثقافات" وأخر لا تحصى تحت عناوين كثيرة تدور كلها تحت معنى قول اللَّه تعالى: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} (١)، وقوله سبحانه: {وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} (٢).

فالإضلال والإفساد غايتهم ومسلكهم ومنهجهم مستخدمين في ذلك وسائل الشهوات والشبهات، ومع كل ذلك يزعمون ويدعون أنهم يريدون الإصلاح، والنهضة والتقدم: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (١١) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (١٢)} (٣).

إن الخبرة الإسلامية في مواجهة أرباب التضليل والإفساد خبرة طويلة مريرة، بيد أن أشدها مرارة، وأقساها وطأة هي ما تمر به الأمة في هذه الأزمنة، إثر ما يسمى بـ "الصدمة الحضارية" التي أنتجت أجيالًا من أبناء المسلمين، انسلخت من دينها وقيمها، وراحت تلهث خلف سراب المذاهب المادية، والعقائد الجاهلية المعاصرة، وأصحابها يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون، ويغرونهم، ويمكنون لهم -بحكم غلبتهم ونفوذهم- في شتى الميادين.

إن مختلف النظم الفكرية المعاصرة المستوردة، تحمل في طياتها ألوانًا


(١) الآية ٨٩ من سورة النساء.
(٢) الآية ٢٧ من سورة النساء.
(٣) الآيتان ١١، ١٢ من سورة البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>