عديدة من الانحرافات؛ ذلك لأنها إفراز نظريات مادية ذات جذور وثنية.
ومن أخطر هذه النظم المستوردة: النظام اللاديني المسمى بـ "العلمانية" والذي يظهر في أردية شتى، منها الرداء الثقافي والأدبي المسمى بـ "الحداثة" التي أولع بها بعض أبناء البلاد الإسلامية فراحوا يبثون من خلالها السموم الفكرية، ويرسخون المفاهيم الضلالية فاتحين أمام شباب الأمة أبواب التمرد -باسم الثقافة والأدب- ونوافذ التحدي للدين والسلوك القويم.
كل همهم ترويج أصناف الزيف تحت شعار الحرية الفكرية وعالمية الفكر الإنساني والموضوعية العلمية، وهم أبعد الناس عن الحرية؛ لأنهم مجرد أتباع مقلدين، وأبعد الناس عن الموضوعية؛ لأنهم أصحاب أهواء تجارت بهم تجاري الكَلَب بصاحبه.
ولكنهم -بسبب غفلة أو تغافل، جهل أو عمالة- رسّخت لهم أقدام في مواضع التأثير، فإذا بالأمة ترى من أبنائها من يدعو إلى الإلحاد ويجاهر بالكفر ويحارب دين اللَّه جهارًا نهارًا، ومن لم يكن على هذا القدر من الشطط في الكفر، أو لم تكن له القدرة على التصريح به، تجده ملفوفًا بالشكوك في كل ما يتعلق بالإسلام من عقائد وشرائع وأخلاق، يتناولها تناول المستريب، ويحاكمها محاكمة المتهم.
وهؤلاء وهؤلاء لا يفتأون يذكرون أئمة الكفر بالذكر العاطر، ويجعلون منهم قدوات، ويرسمونهم أمام أعين الأجيال في أحسن صورة وأجمل وصف، ويغدقون عليهم ألوان المديح والإطراء والتبجيل والتمجيد.
وهناك صنف ثالث تسيطر عليه بعض أوهام المروجين للخمور الفكرية، فيرى أن الإسلام دين سماويّ يعتني بالقيم والأخلاق والشعائر، والعقائد المجردة، لكنه لا يستوعب الواقع ولا يتدخل فيه، ولا يعنيه من أمور الناس إلّا ما كان في إطار السلوك والشعائر، أمَّا الأدب والفكر والثقافة أو السياسة والاقتصاد، فهذه لها ميادينها المستقلة عن الدين وأحكامه ومعاييره، وهذا الصنف -على إغراقه في الانحراف- يعتبر من أمثلهم طريقة.
وهناك صنف رابع ضُربت عليهم عماية الجهل أو التجاهل، ورانت على قلوبهم غشاوة الغباء أو التغابي، فإذا هم يهونون من خطر هؤلاء ويحسنون بهم الظن، ويدافعون عنهم، ويميّعون النظرة الحقيقية الجادة، ويضفون البراءة