للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباب الأول الانحرافات المتعلقة باللَّه سبحانه وتعالى

[توطئة]

إن الإيمان باللَّه -جَلَّ وَعَلَا- هو أساس العقيدة الإسلامية، وأصل كل الأصول وقاعدة كل صغير وكبير في هذا الدين القويم، وهو الركن الأول من أركان الإيمان الستة، ولا يكون الإنسان مسلمًا إلّا بإيمانه الخالص بهذا الركن ومقتضياته بحيث لا يخالطه في إيمانه شك ولا يمازحه ريب.

إن الإسلام جاء -ابتداءً- ليؤسس عقيدة توحيد اللَّه رب العالمين في مقابل عقائد الشرك والكفر والوثنية والإلحاد، فلا غرو أن تكون أول قضية من قضاياه هي قضية الإيمان باللَّه تعالى؛ وذلك لأن البشرية بعد انطماس معالم النبوات السابقة ارتكست في الجاهلية وانتكست مفاهيمها واختلطت عقائدها وأصابها الغبش والضلال والفساد والانحراف، وانجرفت في أودية الجهالات في معتقداتها وتصوراتها ومفاهيمها ومشاعرها وشعائرها، وتردت في عبوديات هابطة فاسدة من عبودية الأهواء البشرية، وعبودية الناس بعضهم لبعض متمثلة في الحكم والتشريع، وعبودية الأوثان والأعراف الجاهلية والأوضاع القبلية والعشائرية وغير ذلك.

فجاء دين الإسلام ليغير هذا الواقع المتردي الذي انحطت فيه البشرية وينشئ واقعًا آخر غير واقع الجاهلية الذي كانت تعيش فيه، أو الذي يمكن أن ترتد إليه البشرية في أي مرحلة من مراحلها؛ وذلك لأن الجاهلية ليست فترة تاريخية محدودة بزمن ما قبل بعثة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، بل الجاهليّة نعت لأي وضع ينحرف عن دين اللَّه الذي ارتضاه، وحالة من حالات الحياة حينما تبتعد عن منهج اللَّه وشرع اللَّه في الاعتقاد أو في التشريع أو في الحكم أو في الفكر أو في الأدب، أو في أي نشاط من نشاط الإنسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>