للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول الطاهر بن جلون في رواية "ليلة القدر": (أي بنيتي! صلّي معي لكي يكتب اللَّه أو القدر أن أموت في حياتك وأن يمنحني شهرًا أو شهرين من الحياة بعد موت أبيك! أود أن أتمكن من التنفس لبضعة أيام لبضعة أسابيع في غيابه غيابًا مطلقًا) (١).

رابعًا: نسبة التقدير والقدر إلى غير اللَّه تعالى، وزعم القدرة على تغيير مجرى القدر المكتوب:

وهذا من لوازم جحدهم لقدرة اللَّه تعالى، وتأليههم لغير اللَّه سبحانه، وخاصة تأليههم للإنسان، وهي أمشاج من الضلالات وأخلاط من الخرافات، ذلك أن حقيقتهم كما أخبر اللَّه -جلَّ وعلا-: {لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (١٧٩)} (٢).

ومن أدل المواقف على أنهم أحق الناس بهذه الأوصاف ما نراه في كلامهم من مثل قول أدونيس في تلمود الحداثة: الثابت والمتحول: (النظرة الجديدة هي الخروج من قدر الطبيعة والدخول في إرادة الإنسان، هي الخروج من الثبات إلى التحول. . . هي الإيمان بأن الإنسان قادر على تغيير نفسه والعالم معًا، قادر على صنع التاريخ. . .) (٣).

فليغير أصحاب النظرة الحديثة ما قضاه اللَّه من تتابع الليل والنهار وتتابع الفصول الأربعة!!، وليبطلوا قوانين الكون والحياة الثابتة ليصلوا إلى مجال التحول والتحديث!! وليغيروا -إن استطاعوا- أقدار اللَّه تعالى في الخلق من إحيائه -سبحانه- لمن يشاء وإماتته لمن يشاء، وإعزازه لمن يشاء، وإذلاله لمن يشاء!!.

فإذا استطاعوا فإنهم -حينئذٍ- يستطيعون صنع التاريخ!!.


(١) ليلة القدر: ص ٤٠.
(٢) الآية ١٧٩ من سورة الأعراف.
(٣) الثابت والمتحول ٣ - صدمة الحداثة: ص ٢٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>