للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوجه الثالث: إلحاق أسماء وأوصاف الملائكة بغيرهم]

إذا كان أرباب الأدب العربي المعاصر يجحدون وجود الملائكة، ويسخرون في كلامهم من الملائكة ويفوهون عنهم بألفاظ التهكم وعبارات التنقص، فإنهم لا يعوزهم وهذا حالهم وشأنهم أن يسموا ويصفوا غير الملائكة بأسماء وصفات الملائكة.

وذلك أنهم قد انهدمت في نفوسهم معاني التوقير لدين اللَّه، الذي يأمر بلزوم حدوده، والتي منها توقير هؤلاء الكرام البررة -عليهم السلام- وإبعاد كل ما يلحق بهم النقص أو الذم أو التحقير، من وصفهم بغير ما يليق، أو وصف غيرهم بالأوصاف الخاصة بهم.

وقد دأب أصحاب أدب الحداثة وفكرها إلى تحطيم كل هذه الحدود وتجاوز سائر الآداب والأحكام المتعلقة بهذا الركن من أركان الإيمان.

فها هو أدونيس الباطني التموزي الحداثي يتحدث عن فرج امرأة قائلًا:

(أيها الجرح يا جحيمًا يضيئني

أيها الجرح يا موتي الأليف

في الجرح أبراج وملائكة) (١).

قدس اللَّه ملائكته الأطهار ونزههم عن هذا.

ويقول عن النهار الذي ينتظره "نهار الحداثة" والذي حقيقة الظلام والعتمة:

(النهار بكانا هنا وبكانا هناك

فاتحًا صدره للهزيمة

راسمًا شارك الملاك

فوق أشلائنا وخطانا) (٢).


(١) الأعمال الشعرية الكاملة لأدونيس ١/ ٥٢٩.
(٢) المصدر السابق ١/ ٣٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>