للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القسم الثاني: حداثيون طائفيون، وهؤلاء لهم في الحداثة قدم راسخ وشأن كبير، وخطر عظيم.]

وليس من باب المصادفة أن يكون هؤلاء ممن تزعموا هذا المبدأ وسعوا في نشره والدعاية له، فإن تاريخ المسلمين يشهد على أن طوائف المبتدعة وخاصة الباطنية وأهل الرفض والتشيع كانوا في حالات كثيرة في ضفة العدو وطائفته، بالعلن كلما أمكنهم ذلك، وبالسر وهو غالب حالهم.

ومن يراجع تاريخ الحركات الباطنية والرافضية يجد الشواهد الكثيرة على هذا فقد كانوا في صف الكفار التتار في أواخر الدولة العباسية، وكان الوزير الرافضي ابن العلقمي (١) عينًا للتتار. داخل بغداد، ومعينًا لهم على دخولها وسلبها وتدميرها وقتل الخليفة العباسي سنة ٦٥٦ هـ (٢).

وكانت حروبهم على المسلمين ومناقضتهم لملة الإسلام مستمرة باللسان والقلم والسنان والتجسس وغير ذلك، ذلك أنه بعد أن وضع اليهودي عبد اللَّه بن سبأ (٣) وأشياعه من المنافقين والمغفلين من المسلمين بذور الشر والفتنة؛ بدأ ينشر ضلاله بين المسلمين في السر حتى ألّبَ الناس على قتل أمير المؤمنين عثمان رضي اللَّه عنه سنة خمس وثلاثين (٤)، فوقع السيف في أمة الإسلام، وكان هذا الحدث العظيم مبدأ فتنة بين المسلمين ومقدمات حروب ومشكلات، وإرهاصات لباع كبيرة هزت الأمة الإسلامية وما تزال.


(١) هو: محمد بن أحمد، وقيل: محمد بن محمد بن أحمد العلقمي، وزير المستعصم العباسي، شيعي المذهب، راسل هولاكو ليغزو بغداد وكان وزيرًا، وثق فيه المستعصم فألقى إليه زمام الأمور مدة أربعة عشر عامًا، ولما أغار هولاكو على بغداد بمخامرة من ابن العلقمي وخربها سنة ٦٥٦ هـ، أخذ وقتل في قلة وذلة. انظر: الأعلام ٥/ ٣٢١.
(٢) انظر: البداية والنهاية ٧/ ١٦٦، ١٧٣، ٢٣٩، ٢٥٠.
(٣) هو: عبد اللَّه بن سبأ اليهودي، قيل أصله من صنعاء، وقيل غير ذلك، رأس الطائفة السبئية التي كانت تقول بألوهية علي رضي اللَّه عنه، أظهر الإسلام ونشر الفتنة بين المسلمين متذرعًا بحب آل البيت، والنقمة على من سواهم من ولاة المسلمين، وكانت له مصائب عظيمة بين المسلمين، توفي سنة ٤٠ هـ. انظر: البداية والنهاية ٧/ ٢٥١، والكامل لابن الأثير ٣/ ٥٧، ٧٢ وغيرها.
(٤) انظر: العبر في خبر من غبر ١/ ٢٦، وتاريخ خليفة بن خياط: ص ١٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>