والأمثلة على ذلك في كلامهم كثيرة، ويكفيك من شر سماعه!!.
الوجه الثاني من أوجه انحرافاتهم في الغيبيات: جعلهم الإيمان بالغيبيات الحقيقية تخلفًا ورجعية:
وقد سبق في مطلع هذا الفصل ذكر أساس منزعهم في هذا، وبيان أن التخلف والرجعية أليق بالمادي الأرضي الحيواني، الذي تردى إلى سفوح الكفر والضلال والمادية، وعجز عن التحقق بأوصاف الإنسان الحقيقي؛ حين ألغى من حساباته الروح والجانب المعنوي وأبى إلّا الإيمان بالمحسوس كما تؤمن الحيوانات، وإن كان بصورة أكثر تطورًا، ولا غرو أن يكون المادي الملحد كذلك، فقد سنّ لهم أستاذهم "داروين" سنن هذا الاعتقاد الضال حين أرجع أصولهم إلى القردة.
ولعمر اللَّه أنهم أشبه بالقردة من أي شيء آخر لاسيما في تقليدهم ومحاكاتهم لعقائد الغرب الضالة وانطراحهم أمام شبهاته المادية، وتأنثهم في التلقي عنه!!.
مرّ معنا في الوجه الأول وصف أدونيس للإيمان بالغيب عند المسلمين بأنه ظاهرة تخلف (١)، وهو من هذا المنطلق الادعائي يمهد لأوليائه طريق الإلحاد وجحد الدين كله، ولكن من خلال الالتفات حول مفاهيم التخلف والتقدم والماضي والحاضر والغائب والراهن إلى غير ذلك من الأساليب المعهودة في الحركات الباطنية من قديم، وهذه الطروحات الملتوية أحيانًا هي البقية الباقية من عقائد النصيرية التي نشاء ودرج عليها أدونيس، وإن يكن قد خرج هو وقومه من المداراة والاختفاء خلف الألفاظ منذ أن سعى الاستعمار الفرنسي -أيام احتلاله لسوريا- في إخراج النصيرين من قواقعهم، وإنزالهم من جبالهم ليصبحوا بعد ذلك من المتحكمين في أعناق المسلمين وإعلامهم وثقافتهم، بعد أن أمن لهم الغرب الأوضاع، وأذاب مبادئ الولاء والبراء، وأحكام الكفر والإيمان والردة، فاجترأوا على اللَّه تعالى وعلى دينه وعلى رسله الكرام.