للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أمثلة هذا الاجتراء قول أدونيس: (لابد للطليعية من أن تنقد أشكال الوعي الغيبي الذي يعرقل نمو الوعي من جهة، ويشارك، من جهة ثانية، في ترسيخ الثقافة الماضوية واستمرارها) (١).

وسبق في الوجه الأول -أيضًا- نقل مقطوعته الإلحادية من "رحيل في مدائن الغزالي" التي تهكم فيها بالدين كله عقيدة وشريعة ورموزًا وتاريخًا وخص الغيبيات بقوله عن المسلمين:

(والشمس في ثيابهم

جارية صفراء

مدهونة الثديين بالمقلوب

بالحجر الأحمر بالكبريب بالغيوب

تسقط كل ليلة

في نشوة الإسراء) (٢).

فالشمس -رمز المعرفة والتقدم- مستضعفة مسجونة مستعبدة كالجارية، ودهنت بأشياء متخلفة أو مستحيلة، ومنها الغيب الذي يراه أدونيس في هذا المقطع وغيره سببًا من أكبر أسباب التخلف والرجعية، ثم أضاف بأن المعرفة والتقدم يسقطها المسلمون في نشوة الأسرار، أي النبوة، التي لا يعتبرها نبوة بل مجرد نشوة شخص.

هذه هي الحداثة في أبشع صورها ورموزها وطلاسمها.

وفي آخر المقطع يشرح أدونيس مشروعه الحداثي في سياق حربه وحقده على الإسلام القوة الوحيدة التي تتحطم على صخرتها الراسخة كل


(١) المصدر السابق ٣/ ٢٢٧ - ٢٢٨.
(٢) الأعمال الشعرية لأدونيس ٢/ ١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>