للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوجه الخامس: الدعوة لتطبيق الحياة الاجتماعية الغربية في المجتمعات الإسلامية]

رغم أن التحلل والتفكك الاجتماعي سمة تلك المجتمعات، ورغم أن بعض عقلائهم يطلق صرخات التحذير، إلّا أن الأتباع المبهورين من أبناء البلاد الإسلامية قد عميت أبصارهم وصمت آذانهم، فأصبحوا غربيين أكثر من الغرب!!.

وقد ذكرت في الفصل الرابع من الباب الأول الأقوال الكثيرة التي تشهد بانتمائهم العضوي والفكري للغرب، للفكرة المتوسطية أو الفينيقية، وتشهد بحربهم وبغضهم لهذه الأمة عقيدة ولغة ومكانًا وتاريخًا وحضارة.

على أن هذا الموقف لا يأتي في كلامهم بشكل عرضي، بل هو من أظهر مبادئهم وأسس عقائدهم وقد اعترفوا بذلك بافتخار في أحيان كثيرة، وبانتقاد من بعضهم في بعض الأحيان، وقد نقلت ذلك في الفصل المشار إليه فأغنى ذلك عن إعادته هنا (١).

ومن أكبر حججهم في الدعوة "للاستغراب" الثقافي والاجتماعي زعمهم أنه كما استوردنا الثلاجة والغسالة والمكيف والسيارة وسائر المصنوعات فإنه لا مانع بل يجب أن نستورد العقائد والأفكار والقيم والنظام الاجتماعي والسلوك النفسي.

ومع ما في هذه الحجة من هزال وسخف إلّا أنهم لا يفتأون يرددونها زاعمين أن الحداثة تشتمل على كلا الأمرين: "التقنية والعقائد" أو "العلوم التجريبية والقيم والأفكار" (٢)، وأنه لابد من استيراد الجميع إذا كانت هناك إرادة للتقدم والتحضر والرقي!!.


(١) انظر: ص ٧٠٧ - ٧١٤ من هذا الكتاب.
(٢) انظر أمثلة لهذه الأقوال في: الثابت والمتحول ٣/ ٢٣٨، ٢٦٨، وقضايا وشهادات ٢/ ٢٥٧، والإسلام والحداثة: ص ١٨٥ والقول لجابر عصفور، وص ٣٢٨، ٣٥٥، ٣٥٨ والقول لمحمد أركون، وص ٣٧٨ والقول لهاشم شرابي، وقضايا الشعر الحديث: ص ٢٩٦، ٢٩٨ والقول ليوسف الخال، وشعرنا الحديث إلى أين: ص ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>