للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومترادفاتها من جبرية ودهرية ووعيدية، أي الإيمان المفرط في القدرية والوعيدية والدهرية) (١).

فها نحن نرى هنا إنكار القدر والتهكم بالمؤمنين به، مع الخلط الكاذب بين عقيدة القدر التي يثبتها كل مؤمن باللَّه تعالى، وعقيدة الدهرية التي يعتقدها الملاحدة والماديون، وهذا يكفي في الدلالة على مقدرا عداوة القوم لعقيدة المسلمين، ومع العداوة كذب وسخرية وافتراء وهجاء وسب، وهذا ما سوف يأتي بيانه في الآتي من الكلام.

ثانيًا: ذم القدر، والاعتراض عليه، وجعل الإيمان به سببًا للتخلف والتحجر والمهانة والسذاجة:

سبق أن بينا في مواضع عديدة من هذا البحث كيف استخدم الجاهليون الأوائل والمعاصرون أساليب الذم والشتم وإلصاق الألقاب الكاذبة والأوصاف الخاطئة بالإسلام وأهله، وكيف أنهم من خلال أسلوب {لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} (٢)، أغلقوا عقولهم وقلوبهم واستغشوا ثياب أوهامهم للمضادة والمعاندة، وهي طريقة تواصى بها الأقدمون من أعداء هذا الدين القويم، ويتواصى بها خلفهم من المحدثين المعاصرين، تواصيًا يعتمد على إيجاب إغلاق العقول والآذان والبصائر عن سماع القرآن؛ لأنه -كما يزعمون- مجرد خرافة وأساطير، وذلك لعجزهم عن مغالبة حقائقه وتأثيره في أنفسهم وفي نفوس الجماهير ادعوا -كاذبين مفترين- أن القرآن رمز للتخلف والتحجر والرجعية والأسطورية، وأن القضايا التي أتى بها الوحي المعصوم لا تصلح لهذا الزمان أو أنه يجب تفسيرها وفق أهواء العصر وأخلاطه هذا عند المعتدلين منهم، أمَّا الذين غلوا في الكفر والإلحاد فإنهم يسعون لإقصائه بالكلية وإبادته من الوجود، وكلا الموقفين من الجاهليين المعاصرين من باب {وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ}.


(١) موسوعة الفلكلور والأساطير العربية لشوقي عبد الحكيم: ص ١٠ - ١١.
(٢) الآية ٢٦ من سورة فصلت.

<<  <  ج: ص:  >  >>