إنها حيلة العاجز الضعيف، نراها مطبقة اليوم في أساليب أهل الحداثة والعلمنة، مهاترات كلامية هابطة، ودعاوى علمانية كاذبة، وافتراءات حداثية عاجزة، يلغون بالقصص والروايات، ويلغون بالشعر الحديث وغير الحديث، ويلغون بالنقد التبجيلي ويلغون بالمؤتمرات والندوات والملاحق والأمسيات والدوريات والمجلات، والأندية الأدبية والثقافية، ويلغون بالبهرج الإعلامي، والإغراءات المادية والمعنوية لذوي النفوس الضعيفة والعقول البسيطة، ويلغون بالصياح والنعيق ضد كل مسلم يتصدى لباطلهم، ويلغون باستعداء ذوي القوة والسلطان، ولكن هذا كله "لغو" زائل، وزبد يذهب جفاء ورماد تطير به الريح، والغلبة للقرآن الذي تواصوا أن يلغوا فيه؛ لأن القرآن العظيم يحمل سر الغلب، إنه الحق، والحق غالب مهما جهد المبطلون، وإنه اليقين، واليقين غالب مهما تكاثرت الشكوك والظنون، وإنه الهدى، والهدى منتصر مهما ادلهمت ظلمات الضياع.
ولست أقول هذا القول لمجرد أنه عقيدة أوقن بها، بل ولأنه مع ذلك هو الواقع الذي شهده المسلمون الأوائل عندما واجههم الكفار الأوائل بجنس ما يعمله المتأخرون المعاصرون.
وقد انتصر القرآن على لغوهم وباطلهم ومكائدهم المتنوعة وانتشر هداه في أرجاء الدنيا، وسينتصر القرآن اليوم على اللغو الحداثي والمكائد العلمانية والأباطيل الإلحادية، {وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}(١).
والآن نستعرض أمثلة للغو الحداثي في هذا الركن من أركان الإيمان، وبه نستبين مقدار عداوتهم لدين الإسلام جملة وتفصيلًا.