للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاجتماعية، كآداب الأكل والشرب واللباس والتأنق ونظافة الجسد، وإبداء كل حسن في ذلك احترامًا لأذواق الناس وتكريمًا لهم، ومراعاة لمشاعرهم، وربّما يكون التزام بعض هذه الآداب أثرًا من آثار خلق في النفس محمود.

ومن السلوك ما هو طاعة للتكاليف والأوامر الشرعية أو غير الشرعية، وقد تكون هذه الأوامر والتكاليف ملزمة بسلوك أخلاقي، أو ملزمة بأعمال هي من قبيل العبادات المحضة في حالة صدور الأوامر من قبل الشرع، أو ملزمة بأعمال هي من قبيل الآداب، أو ملزمة بأعمال تحقق المصالح والمنافع للناس، ومن السلوك ما هو من قبيل العادات، وقد ترجع إلى موجه أخلاقي أو موجه غريزي، أو موجه تكليفي أو موجه اجتماعي، وقد لا تكون إلَّا مجرد ممارسات عابثة استحكمت بالعادة، ومن السلوك ما هو من قبيل التقاليد الاجتماعية التي تسري في سلوك الأفراد بعامل التقليد المحض أو بقوة التأثير الاجتماعي، وقد تكون هذه التقاليد حسنة وقد تكون سيئة، وبهذا يتضح أن السلوك الإرادي الإنساني له أنواع شتى، فليس كل سلوك مظهرًا من مظاهر الأخلاق في النفس الإنسانية (١).

ثانيًا: السلوك الظاهر يدل على الخلق المستقر في النفس:

سبقت الإشارة إلى أن الخلق في حقيقته تكوين خاص ثابت في النفس فطري أو مكتسب له ظواهر في السلوك، وهذا يدل على أن السلوك الأخلاقي يدل على الخلق الأصيل الثابت في قرارة النفس، وإن كانت هذه الدلالة ظنية وليست قطعية؛ لأنه قد يكون السلوك الظاهر صادرًا عن تكلف وتصنع أو خوف أو طمع، أو محبة مدح أو خوف قدح، وقد يكون صاحبه مخلصًا يريد تطويع نفسه وترويضها وقسرها حتى تكتسب الكريم ولو لم يكن ذلك من أصل طبعها.

فقد يجود الشحيح لغاية في نفسه، فنسمي هذا السلوك عطاءً كريمًا، ولكن صاحب هذا العطاء غير متصف بخلق الجود، وإنَّما ظهر ذلك منه


(١) هذا كله مقتبس من كتاب الأخلاق الإسلامية وأسسها ١/ ١١ - ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>