للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكتسبة- ذات تأثير في السلوك محمودة أو مذمومة) (١).

فأمَّا استقرار الخلق في النفس، فهو أصل، فإن كان الخلق حميدًا كانت آثاره حميدة، وإن كان ذميمًا كانت آثاره ذميمة.

وهذه الصفة المستقرة في النفس قد تكون فطرية جُبل الإنسان عليها، وتكون مكتسبة استفادها من التعلم أو التخلق أو من الاعتقاد أو من المجتمع المحيط به، وهذه الصفة المستقرة في النفس يُمكن معرفتها وقياسها عن طريق قياس آثارها في سلوك الإنسان.

وليست كل الصفات المستقرة من قبيل الأخلاق، بل منها غرائز ودوافع لا صلة لها بالخلق، والذي يميزها عن جنس هذه الصفات، كون آثارها في السلوك قابلة للحمد أو للذم، ومع ذلك فهناك بعض التشابك بين الأخلاق والغرائز، فالأكل عند الجوع بدافع الغريزة ليس فيه ما يحمد أو يذم من جهة السلوك الأخلاقي، لكن الشره الزائد عن حاجات الغريزة العضوية أمر مذموم؛ لأنه أثر لخلق مذموم، هو الطمع المفرط (٢).

أمّا السلوك الإرادي للإنسان فمنه ما هو أثر من آثار خلق في النفس محمود أو مذموم، كالعطاء عن جود، والإمساك عن شح، والاعتراف عن حب للحق، والإنكار عن كبر، والتحمل عن صبر، ومن السلوك ما هو استجابة لغريزة من غرائز الجسد كالأكل المباح عن جوع، والشرب المباح عن ظمأ، ومنه ما هو استجابة لغريزة من غرائز النفس الفطرية كالسعي في اكتساب الرزق تلبية لداعي الفطرة، والاستمتاع المباح تلبية لطلب النفس، والترويح عن النفس بشيء من مباحات اللهو واللعب ومن السلوك ما هو استجابة إرادية لترجيح فكري، كأن يرى بفكره أن هناك مصلحة ومنفعة في سلوك ما، فتتوجه إرادته لممارسته، وعلى هذا معظم أعمال الناس اليومية في وجوه الكسب، ومن السلوك ما هو من قبيل الآداب الشخصية أو


(١) الأخلاق الإسلامية وأسسها لعبد الرحمن الميداني ١/ ١٠.
(٢) انظر: المصدر السابق ١/ ١٠ - ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>