للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإنسان ودراسة أحواله العضوية والجنسية والاجتماعية فلم يجد ما يسمى به الإنسان إلّا اسم "القرد العاري" (١) حيث جمع في هذه التسمية بين داروين وفرويد، فالإنسان حيوان بل قرد، وهو عاري لأن أصله كما افترضت خرافة فرويد، حيوان شهواني جنسي تساقط عنه الشعر واستقامت قامته، وعاش بغريزة الجنس ومن أجلها!!.

انطلق الغربيون جماهير وعلماء خلف خرافة فرويد، وانغمسوا في مفاهيمها نظريًا وعمليًا، فانطلقت الغرائز بلا حد ولا ضابط، وتهدمت القيم والأخلاق والتقاليد؛ لأن فرويد أخبرهم بأن هذه عوائق في سبيل الانطلاق، وبدأ الناس -وخاصة الشباب وصناع الفن الإعلامي- ينظرون إلى الأخلاق والدين نظرة عداء ومناقضة، ويعتبرون وجودها أو الحديث عنها حديثًا عن أشياء وهمية وغير منطقية، بل أشياء معادية للتحرر والانطلاق، وليست -في أحسن الحالات- إلّا تراثًا من الماضي العتيق الذي كأن غارقًا في التخلف والرجعية والانكبات.

وسرت في الجماهير لوثات عديدة شكلت عقليتها وممارساتها وأهدافها ونظرتها للكون والإنسان: لوثة داروين المتمثلة في حيوانية الإنسان، والتطور المطلق بلا حدود، ولوثة فرويد المتمثلة في الإباحية الجنسية، والعداء للدين والأخلاق.

[نشأ الجيل الغربي وقد رسمت أمامه طريقان]

أحدهما: احترام وصايا الدين، والأخلاق، والمجتمع، وتقدير القيم المعنوية والخلقية، وهذه قال فيها فرويد وسائر المتأثرين به من فلاسفة وتربويين وإعلاميين وعلماء نفس واجتماع، بأن هذه القضايا ليست أصيلة ولا ذات جذور، وليست ثابتة، بل هي ناشئة عن الكبت، واتباعها يولد الكبت والمرض والاضطراب والتخلف الشخصي والاجتماعي.

الثاني: تحطيم العوائق من أجل التحرر والانطلاق، والزعم بأنه لا تتم


(١) القرد العاري لديز موندمور يس ترجمة ميشيل أزرق ومراجعة محمد قجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>