ويزعم الماركسيون أن فلسفتهم هذه مبادئ حتمية مرتكزة على أسس علمية، لا تقبل النقاش فضلًا عن الرد، كما أنهم يزعمون شمولية مذهبهم وعدم جواز تجزئته، كما أنهم يصرون -بشدة وعنف- على تفسير كل جوانب الحياة وفق هذه المبادئ التي يقدمونها كمزيج من عناصر فلسفية واجتماعية وسياسية واقتصادية.
ومع إصرار شديد وعنيف أن ما عداهم من مذاهب وأنظمة لا تستحق الوجود، بل سوف تجتاحها حتمية المادية التاريخية الجدلية وتقضي عليها (١).
هذا المبدأ الإلحادي احتوى من أسباب الهدم والتخريب ما لم يحدث في كثير من المبادئ المادية، ففيه التدمير لمقومات الحياة الإنسانية الكريمة، والتشويه المروع لتاريخ البشرية، وقيم الأخلاق، فتاريخ البشرية في نظر الماركسية ليس سوى العامل الاقتصادي وليس سوى البحث الدائب عن الطعام.
فليست هناك أية قيمة -عندهم- للمجتمعات سوى القيمة المادية الاقتصادية، وليست هناك أي قيم إلّا ما ينبثق عن هذه المادية، فلا مساواة اجتماعية حقيقية إلّا المساواة الاقتصادية، ولا سبيل إلى ذلك إلّا بالصراع الطبقي الحتمي الوقوع.
فالعلاقات البشرية لا تحددها -حسب فلسفتهم- الأخلاق أو العقائد الدينية أو القيم الإنسانية أو التقاليد الاجتماعية، بل يحددها العامل الاقتصادي وحده دون سواه، فليست الإنسانية في تاريخها الطويل سوى آلات صماء عمياء رعناء في دولاب العامل الاقتصادي الجبري الذي لا يُمكن أن تتخلف نتائجه.
(١) انظر: أسس الفلسفة الماركسية لـ: ق. أفانا سييف ترجمة عبد الرزاق الصافي ٨ - ١٦٤، ودفاعًا عن الماركسية ردًا على مختلف منتقديها لموريس كورنفورث، والشيوعية خلاصة كل ضروب الكفر والموبقات والشرور والعاهات لأحمد عبد الغفور عطار، ومذهب ذوي العاهات للعقاد والشيوعية والإسلام لعباس العقاد وأحمد عبد الغفور عطار، وحوار مع الشيوعيين في أقبية السجون لعبد الحليم خفاجي، نقض أوهام المادية الجدلية للبوطي، الشيوعية والإنسانية للعقاد.