وبناء على الصراع الطبقي فالمجتمعات عندهم في صراع دائم بين الطبقة المستغلة والطبقة الفقيرة بين الرأسمالية الامبريالية والطبقة الكادحة، وسوف تنتهي الحرب -كما يقولون- إلى فوز الطبقة الفقيرة الكادحة، وبذلك يتطور المجتمع تطورًا ثوريًا يقضي تمامًا على الطبقة المستغلة.
فإذا أضيف إلى ذلك موقفهم من القيم والأخلاق وزعمهم أنها نسبية إضافية ليس لها حقيقة ذاتية، ولا فطرية، تبين مقدار ما جنته هذه النظرية الهدامة على المجتمعات التي ابتليت بها.
فقد انحط الإنسان عندهم إلى كائن حيواني يبحث عن الطعام ويصارع من أجله، كفعل حيوانات الغابة ولا غرو أن تكون هذه نظرتهم للإنسان فقد أخذت الماركسية فكرة حيوانية الإنسان وحتمية التطور من الداروينية.
فما دام الإنسان -كما يزعمون- حيوانًا نشأ من الخلية الوحيدة وتطور من ذاته، ولا قيم له ولا أخلاق ولا دين، وليست لحياته الفردية أية قيمة إزاء الحياة الاجتماعية، وليست حياته الاجتماعية إلّا الصراع والتنازع من أجل المعيشة، فماذا يُمكن أن يكون هذا الإنسان وهذا المجتمع؟.
لا شك أن في ضوء التفسير المادي الحيواني للإنسان وللمجتمع لابد أن تهبط الأفكار والمشاعر والأخلاق والنظم وسائر سلوكيات الأفراد والمجتمع، حتى تصير في مستوى الحيوان في نظر الماركسية التي ترى العلاقات في دنيا الناس لا تختلف عنها في دنيا الحيوان إلا اختلافًا شكليًا، لا علاقة له بالضمائر والأخلاق والعقيدة والقيم العليا والآفاق المشرقة.
وقد رأى الناس من سيئات النظم الماركسية، وبليات الممارسات الشيوعية ما عجل بزوالها واندثارها على أيدي أبنائها الذين ترعرعوا في أحضانها، وقد سجل بعض ذلك مفكرين وكتاب من أوروبا كانوا شيوعيين أو متعاطفين مع دول الكتلة الشيوعية (١)، بل قد سعى العمال في بولندا -
(١) انظر على سبيل المثال المثال: الأديب ومفوض الشرطة لجورج بالوشي هورفات، والخمور الفكرية لأرثر كوستلر، والاشتراكية الوافدة من الصقيع لجان بول سارتر، =